![](https://www.almaali-iraq.com/wp-content/uploads/2025/02/علي-الخفاجي-780x470-1.jpg)
كتب علي الخفاجي: ربَ سائلٍ يسأل، ما الذي يجب أن يكون كي ننهض بواقع البلد، خصوصاً وقد أمضينا عقدين وأكثر والبلد ما يزال يحبو نحو بناء دولة يسودها العدل ويتمتع بها مواطنوه بشيء من الحرية، هل إن السياسات المتبعة بعد سقوط النظام كانت سياسات خاطئة ومبنية على ردات الفعل، أم أن بعض القرارات المتخذة كانت متسرعة وغير مدروسة، وبالتالي جعلت من البلد يتجه نحو الفوضى في كثير من الأمور ويسير ببطء نحو التعافي.
بالطبع كل ما تم طرحهُ من تساؤلات هي تساؤلات موضوعية ومنطقية، لكن علينا أن لا ننسى التركة الثقيلة التي خلفها النظام السابق، والتي نخرت الفرد العراقي وولدت فجوة كبيرة وعدم موثوقية بينه وبين النظام الجديد، نظراً لما كان يعيش عليه المواطن في حينها من خوف كبير ونقص بالأموال والأنفس، نتيجة السياسة الرعناء التي كان ينتهجها.
مرت البلاد بالعديد من التقلبات السياسية والكثير من المطبات، التي حالت دون تقدمه أو على الأقل ضعفت من تنميتهِ، والتي كان من المؤمل لها أن تكون أفضل على الأقل في أذهان الفرد العراقي وتطلعاته، نتيجة تحوله من حال إلى حال، من سياسة التخويف والعوز وقلة الموارد، إلى الانفتاح والحرية الهوجاء بدون أي ضوابط، مما انعكست تلك الممارسات بالسلب على جميع مفاصل الحياة، وبدأت تؤثر على جميع النواحي السياسية والاقتصادية والاجتماعية، الشيء الذي جعل كثيراً من الأمور تخرج عن السيطرة لأسباب لا حصر لها، الحديث عن مكافحة الفساد وعن الآليات المتبعة لمنعه أو التقليل منه حديث ذي شجون، لأنه مثلما للإرهاب حواضن تأويه وتسانده، كذلك الفساد هنالك حواضن ترعاه وتدافع عليه.
إذن لنتفق أن أي سلوك غير قانوني أو غير نزيه يؤدي إلى شبهة فساد يطلق على فاعلهِ فاسد، وهنا يجب وبحكم القانون أن يحاسب مرتكب ذلك الفعل حساباً عسيراً كي يكون عبرة لغيره ممن تسوله نفسه لارتكاب مثل هكذا أفعال، جميعنا يعلم أن في العراق الكثير من المؤسسات التي تعنى بمكافحة الفساد، كهيئة النزاهة والهيئة العليا لمكافحة الفساد والجهات الرقابية الأخرى، جميعها تعمل وبكل تفانٍ وإخلاص للقضاء على هذه الآفة الفتاكة، والتي بدأت بالانتشار دون أي حياء، لكن هل أن هذه الجهات وحدها كافية لاستئصال الفساد، حتماً وحدها لا تكفي، من دون تعاون وتكاتف المواطنين كلاً حسب موقعه، فبغير المواطن لا يمكن لأي مؤسسة أو أي جهة أن تقوم بدورها بالشكل المطلوب.
وهنا لا بد من الإشارة إلى أن البيروقراطية المقيتة أصبحت المناخ الملائم لتفشي جميع حالات الفساد، وأن أي نية لمكافحة الفساد يجب أن يسبقها التفكير خارج الصندوق، ويأتي ذلك بإيجاد حلول غير تقليدية وبأساليب علمية جديدة، ومن هنا ندعو مثلما كان لجهاز مكافحة الإرهاب الدور الكبير في محاربة الإرهاب منذ تأسيسه ولغاية الآن، نمني النفس بإنشاء جهاز لمكافحة الفساد، يعمل وفق ضوابط وآليات قانونية مهامه مكافحة الفساد في أرض الوطن من أقصاه إلى أقصاه.