كتب رسول حسين …في عالم يتغير بشكل متسارع، يبدو أن الديمقراطية الأمريكية قد خطت خطوات جريئة نحو ما يمكن أن نسميه “الدخيلة الكوميدية”.
بدأ هذا التحول بشكل واضح عندما قرر دونالد ترامب، رجل الأعمال المسلّي، تسخير مهاراته في الترفيه لخوض غمار انتخابات الرئاسة الأمريكية. وبعد فوزه للمرة الثانية في الإنتخابات أصبح موضوع الكوميديا حديث الشارع.
أولاً، علينا أن نعترف بأن ترامب قد أبهرنا بأسلوبه الفريد في الدعاية، الذي يمزج بين السياسة والكوميديا بكفاءة لا يمكن إنكارها. حملته الانتخابية لم تكن عبارة عن خطابات رنانة بقدر ما كانت عرضاً مسرحياً يتضمن مقاطع كوميدية و”تغريدات” مدهشة على تويتر. من “الجدار العظيم” إلى “أمريكا أولاً”، تخلل الحديث الكثير من الفكاهة والسخرية، مما جعل الساسة التقليديين في حالة من الارتباك.
وكما هو متوقع، لم تخلُ تلك المسرحية من اللحظات غير المتوقعة. هل تذكرون تلك اللحظة التي قاطع فيها ترامب المُنافسين بعبارات لا تنسى مثل “أنت مزيّف!”؟ لم يكن مجرد حديث سياسي، بل كان نداءً صريحاً للجمهور ليضحك ويشجع. الجمهور لم يكن يشاهد مؤتمرات صحفية فحسب، بل كانوا يتابعون مسلسلاً ضخماً تتخلله فصول مثيرة وترتيبات درامية.
ومع فوزه، تبدلت الأمور أكثر. أصبح ترامب رمزاً ليس فقط للسياسة، ولكن أيضاً للمسلسلات الكوميدية. هل كان الأمر صدفة أن يزيد عدد البرامج الساخرة التي تتناول إدارته؟ لم يعد المواطنون بحاجة إلى البحث عن الترفيه، بل أصبحوا يعيشون في وسط عرض كوميدي مستمر يضم جو من الكوميديا السوداء.
على الرغم من أن الكثيرين كانوا يتمنون أن تبقى الديمقراطية صوتاً جدياً للمواطنين، جاء هذا الفاصل الغريب ليغير كل المعادلات. أصبح الشعب الأمريكي يتساءل: هل نحن في خضم انتخابات أم نتاج برنامج كوميدي؟ وبينما كانت الديمقراطية تتعرض لاختبار صعب، استمر ترامب في استعراض عضلاته السياسية بطريقة غير مسبوقة، مما جعل البعض يسخر من الوضع برمته.
وفي النهاية، يظهر لنا أن ما حدث لم يكن مجرد فوز سياسي، بل تحول إلى تجربة ثقافية؛ حيث التحول من الديمقراطية إلى الدراما الكوميدية قد يظل عالقاً في أذهان الجميع كفصل من فصول المسرحية الكبرى التي لم تنتهِ بعد. ومع استمرار الأحداث، يبقى لدى الجمهور استفسار واحد: هل سنعود إلى الديمقراطية، أم أن الكوميديا هي الطريق الجديد؟