كتب حسين علي الحمداني: في السنوات القليلة الماضية برز وجه جديد للعراق على مختلف الصعد، وجه حضاري يسعى للتنمية والبناء وتجاوز الماضي والسعي نحو بناء علاقات دبلوماسية متميزة مع كل دول العالم، وفتح قنوات الحوار والتشاور معها.
وتعزز ذلك بزيارات عديدة قامت بها وفود عراقية للكثير من دول العالم، بما فيها زيارات لواشنطن وموسكو وعواصم عربية مهمة ودول أوروبا، وحضور مؤتمرات سياسية وأمنية واقتصادية كثيرة تحقق منها شراكات دائمة مع دول وجدت في العراق الجديد، ما يشجعها على المضي قدماً بالشراكة معه، خاصة وإنه يمكن أن يلعب دوراً مهماً في استقرار المنطقة.
وهذا ما جعل العراق يتميز احتفاظه بعلاقات متوازنة في محيطه الإقليمي ضمن المنطقة، وأيضاً بعلاقات متميزة مع المجتمع الدولي، بما فيها الدول الكبرى والاتحاد الأوروبي، وهذا ما يتيح له أن يطرح نفسه وسيطاً نزيهاً في الكثير من القضايا التي تهم منطقتنا وتؤسس لأمنها واستقرارها، وهذا ما لمسناه في السنوات الماضية عندما استضافت العاصمة بغداد، جولة مفاوضات حول الملف النووي الإيراني آنذاك.
وهذا ما يقودنا لأن نسأل عن الدور الدبلوماسي للعراق في صناعة السلام؟ أبرز مقومات القيام بهذا الدور متوفرة في العراق، من خلال عوامل عدة أولها التي أشرنا إليها في المقدمة، والتي تتمثل بوجود علاقات قوية مع الجميع بما فيهم القوى الكبرى، الجانب الثاني يتمثل بوجود رغبة سياسية حقيقية، وحرص كبير في صناعة السلام في المنطقة من قبل الحكومة العراقية، الجانب الثالث السياسة العراقية المتوازنة في تناول ملفات المنطقة بشكل عام، وما يجري حالياً بشكل خاص، حيث إن موقف العراق يتمثل بضرورة حل كل المشكلات عبر الحوار الدبلوماسي وطاولة المفاوضات، وإيقاف أصوات المدافع والطائرات، مضافاً لذلك كله إن الغاية العراقية تكمن في تجنب المنطقة مزيداً من الانزلاق لهاوية حرب كبيرة ومدمرة، أي إنه ينطلق من دوافع الحفاظ على أمن واستقرار المنطقة، وهو هدف تحصد جميع الدول نتائجه وليس العراق فقط.
وهذا ما يجعلنا ندرك جيداً إن العراق كان محطة تشاور في الأشهر والأيام القليلة الماضية من قبل الكثير من زعماء العالم ووزراء الخارجية، الذين زاروا بغداد والتقوا الساسة فيها لتناول آخر مستجدات الأحداث، ناهيك عن عشرات الاتصالات الهاتفية بين قادة العالم ورئيس مجلس الوزراء، والتي تعكس بالتأكيد إن للعراق دوراً كبيراً ينتظر أن يقوم به من أجل صناعة السلام في المنطقة، وفك العقد الكثيرة التي عقدت المشهد العام لمنطقتنا.
وبالتالي يمكننا القول إن للعراق مقبولية كبيرة نابعة من ثقة المجتمع الدولي، بما يطرحه من آراء ووجهات نظر واقعية وتشخيصه الدقيق لمشاكل المنطقة ووضع الحلول المناسبة لها بواقعية كبيرة جداً، وهذا ما لمسه العالم في موقف الحكومة العراقية من أحداث غزة قبل عام من الآن، وتقديمه الحلول المناسبة في حينها، وصولاً إلى ما يجري الآن في لبنان من أحداث حذر منها العراق مسبقاً.
من هنا نجد إن الدور الدبلوماسي العراقي مهيأ تماماً لأن يأخذ دوره في صناعة السلام في منطقتنا، وفق العوامل التي ذكرناها.