أخبارمقالات
أخر الأخبار

أولويَّات ما بعد التعداد السكاني

كتب نبيل إبراهيم الزركوشي: يعدُّ التعداد العام للسكان المرتكز الأهم الذي تعتمد عليه الدول لوضع خططها الاستراتيجية المستقبلية، لأنه يوفر الصورة الواضحة للطبيعة السكانية، من حيث التركيب العددي والتركيب النوعي والنمو والتعليم.

ناهيك عن الجوانب الأخرى مثل الصحة والبطالة والتنمية وحتى الثقافة، وطريقة المعيشة ونوع المهن السائدة، وغيرها الكثير من الأمور، التي من المحتمل أن تحتويها قاعدة البيانات الإحصائية للتعداد العام للسكان في العراق، المقرر إجراؤه هذا العام.

وبعد التطور التكنولوجي الحديث أصبح استخدامه في عملية إجراء التعداد أمراً يسهل الكثير من الأمور، من هنا يمكن القول إنها توفر جميع البيانات التحليلية والإحصائية، التي يمكن من خلالها قياس معدلات التنمية في المجتمع وكيفية وضع الآليات، التي تسهم في إيجاد حلول للمشكلات، التي قد تعترض هذا التنمية.

من هنا جاءت أهمية التعداد بالنسبة لدول العالم، التي تعدّها أحد أهم الأمور لديها ويضاف إليها في العراق، أمر مهم جداً هو إنهاء الجدل الدائر حول المستحقات المكوناتية، التي كانت حجر العثرة أمام إقرار الموازنات في الأعوام السابقة، وجزء من شعارات لطالما عزفت على أوتارها الكتل والأحزاب أثناء الدعاية الانتخابية لها.

إن الجدية والإصرار على تنفيذ الحكومة لبرامجها وخططها، التي وضعتها منذ اليوم الأول لتشكيلها قطع الشك لدى الجميع في أن التعداد السكاني، يجب أن يجري وفي موعده المحدد وبالطريقة الرصينة المخطط لها، من قبل الجهات التي تقوم بتنفيذها، لذا وجب على جميع الوزارات وكل حسب اختصاصه الأخذ على عاتقها لتشكل لجاناً مختصة، لدراسة النتائج الإحصائية للتعداد وكيفية تعزيز ما هو جيد منها، والحد مما هو خلل قد تؤشرها تلك البيانات، ووضع الخطط لمعالجتها وتجاوزها بطريقة علمية صحيحة.

إن ثروة المعلومات التي سينتج عنها التعداد يجب أن يتم تحديد الأولويات لما تظهر من مشاكل وتحديد من سيضع العلاج لها وكيفية المعالجة والمدة الزمنية للمعالجة هذا، كي لا تتفاقم المشكلات بصورة لا يمكن علاجها مستقبلاً، لذا يجب ألا تركن هذا البيانات والنتائج على الرفوف، بل نشرها والإطلاع عليها من قبل الجميع أمر مهم جداً، ولا ننسى في هذا الجانب القطاع الخاص الذي يعتبر جزءاً من النمو الاقتصادي للبلد هو الآخر، يجب أن يحصل على ما يفيده من هذه البيانات، كي يبني عليها استثماراته المستقبلية.

إن العراق مقبل على ازدهار اقتصادي وتنموي خلال الخمس السنوات القادمة، لذا إجراء التعداد السكاني أمر مهم جداً لهذه المرحلة، وهي قاعدة بيانات يمكن الرجوع إليها، ويجب على الجميع الإذعان لنتائجها وعدم القفز على تلك النتائج لمصالح فئوية ضيقة، تسهم في هدر الأموال وإرضاء فئة معينة دون غيرها، قد تكون أحوج إلى خدمات التي هي جزء من الحياة الكريمة، وقد أكد عليها الدستور العراقي.

لذا لا بد من أن يستعد الجميع لمرحلة ما بعد التعداد والانعطاف السليم نحو تقديم خدمات وفقاً لأولويات رقمية إحصائية، لا أهواء شخصية ومصالح انتخابية، إن الاستعداد الجيد لهذه المرحلة يأتي من خلال إشراك الجميع في وضع الخطط، لبناء عراق يتساوى فيه الجميع، من حيث الحقوق والواجبات.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى