كتب د. حميد طارش: بدأت واضحة تداعيات التغير المناخي، لكن ما هو السؤال الأهم بشأن ذلك، بلا شك سيكون، وهذا ما طرحه المختصون حول العالم، عن التكيّف مع التغير المناخي.
السؤال ليس موجهاً فقط للحكومات، وإنما لجميع القطاعات الأخرى، والأفراد، وكلاً حسب موقعه وتأثيره، على الرغم من البعد العالمي العابر للحدود الجغرافية للمشكلة، خاصة أن انبعاثات غازات الدفيئة من الدول الصناعية الكبرى هي المسبب الأكبر لها، لكن ذلك لا ينفي محاولة التكيّف المحلّي التي قد تصبح نموذجاً دولياً، وأن بدأت بسيطة، أي ماذا لو حرص الأفراد على ديمومة المساحات الخضراء داخل بيوتهم أو حولها وبالقرب منها، لتكون بذلك خير مستودع لثاني أوكسيد الكربون بدلاً من صعوده إلى الغلاف الجوي، مكوّناً الاحتباس الحراري.
وماذا لو فرضت أمانة بغداد وغيرها من دوائر البلدية مراعاة ذلك، عند منحها إجازات البناء، ولا ننسى هنا تعاون تلك الدوائر مع مؤسسات الدفاع المدني، بغية مراعاة متطلبات السلامة والأمن، خاصة من الحرائق التي أصبحت من الآثار الخطيرة، التي تحدث بشكل متكرر يومياً.
وبطبيعة الحال، لا يقتصر العمل على تلك الدوائر، بل وحتى تلك المسؤولة عن بناء العمارات وبناء المدارس والمستشفيات والجسور وشبكات تصريف المياه وغيرها، التي يجب أن تكون من مواد مقاومة لآثار التغير المناخي المتمثلة بالحرائق، فضلاً عن ضمان انسيابية مواجهة الفيضانات والسيول والأمطار الغزيرة.
كما يجب تفعيل إجراءات دوائر التخطيط العمراني من حيث ترك التنفيس داخل المناطق السكنية على شكل متنزهات وساحات وعدم الاكتظاظ الذي يزيد من المشكلة، ويصعّب الحد من آثارها. وعلى الحكومة أن تشجع الاستثمار في استخدام الطاقة النظيفة، عن طريق الإعفاء الضريبي والجمركي والتسهيلات الأخرى، وفرض الرسوم على شركات استخراج النفط وغيرها من الشركات التي ينتج من عملها انبعاثات غازات الدفيئة، بما يتناسب مع الأضرار التي تسببها للأفراد.
إلّا أن السؤال الأصعب والأهم بصدد ذلك يكمن في تأمين الطاقة الكهربائية للمنازل وجميع المرافق الأخرى، بما يتيح للأفراد مواجهة ارتفاع درجات الحرارة، والقدرة على تأدية أعمالهم. ويجب أن تتسع عملية التكيّف إلى أنماط حياتنا، ويعطينا بعض عمال البناء درساً بليغاً في ذلك عند تأدية عملهم ليلاً، بغية التخلص من حرارة الشمس اللاهبة في النهار، وهذا ما يجب أن تكون عليه عمليات تنظيف المدن التي تقوم بها الأجهزة البلدية، ولا مانع أبداً، أن تتحول مؤسسات أخرى حكومية وغير حكومية للعمل الليلي، إذا اقتضت طبيعة عملهم ذلك.