مقالات
أخر الأخبار

حوكمة التجارة الخارجية

كتب بشير خزعل: النظام الرقمي الذي بدأت الحكومة العراقية تطبيقه في دوائر ومؤسسات حكومية مختلفة، يعد من أهم مقومات السيطرة النوعية والسلعية، وتجنُّب دخول سلع محظورة ومغشوشة تؤدي إلى الخطورة والضرر البالغ على حياة الناس، بسبب التداخل البشري في عمليات الرقابة والتقييم والترسيم، وما يترتب عليها أحياناً من مخالفات تتنافى والنظام القانوني بين أطراف العلاقة بسبب حالات الفساد والرشوة.

 

في العام 2003 أعلنت الحكومات المتعاقبة نيتها الانتقال من النظام الورقي إلى نظام الأتمتة، عبر بوابة الحوكمة الإلكترونية في جميع دوائر ومؤسسات الدولة، لما فيه من هدر للوقت وشبهات فساد ومحسوبية ونهب للمال العام، وبقيت تلك الإعلانات مجرد حبراً على ورق.

لكن من يطّلع على توجه الحكومة الحالية نحو هيئة الجمارك، سيجد تغيراً كبيراً وواضحاً، يتجلى من خلال تقارير الهيئة في عام 2023، والزيادة في إيرادات بعض المنافذ الحدودية التي طبّقت نظاماً إلكترونياً محلياً، وهذا يعد إنجازاً يحسب بنهاية المطاف لحكومة السوداني، كجزء من سلسلة النجاحات في تنفيذ بنود المنهاج المتفق عليه.

وبتطبيق مثل هكذا نظام في دوائر وهيئات مثل المنافذ الحدودية والجمارك والضريبة، تتوفر لخزينة الدولة أموالاً طائلة تقدر بـ7 مليارات دولار سنوياً، بحسب تقديرات لجهات رسمية، المضي بأتمتة المنافذ الحدودية والنقاط الجمركية في تغطية استيرادات البلاد السنوية بالكامل، بتلك النظم والإجراءات الرقمية، من خلال السيطرة على منافذ البلاد (الحدودية والجمركية) الجوية والبرية والبحرية، والتي تتدفق إليها المواد الاستيرادية من السلع والبضائع المختلفة، التي تلامس قيمتها السنوية ما يقرب من 60 مليار دولار بالمتوسط، وتهيمن عليها استيرادات القطاع الأهلي أو الخاص بنسبة تزيد على 65% منها، سيوفر للدولة عدة منافع، منها الحد من التهرب من الرسوم الجمركية والضريبية، وتوافر المعلومات التفصيلية التي يوفرها النظام الرقمي في قاعدة معلومات إحصائية تفصيلية عن تجارة بلادنا الخارجية بالكم والنوع بدقة أكثر، بالاضافة إلى توافر السرعة في إنجاز المعاملات الجمركية وتقليل كلف المعاملات التجارية، الذي ينعكس إيجاباً على قيمة السلع والبضائع في الأسواق المحلية.

ولأجل دفع عجلة الاقتصاد إلى الأمام وحماية أمننا الداخلي ودخلنا القومي، لا بد من اتباع استراتيجية خفض النفقات وتعظيم الإيرادات، وهذا لا يتم إلا من خلال جعل الحوكمة جزءاً لا يتجزأ من هيكل بناء دولة المؤسسات، وليس الدوائر الجمركية المعنية بهذا الأمر فقط، بل جميع مؤسسات الدولة الأخرى التي تلامس حياة المواطن في دوائرها، التي مازال البعض منها يعاني من الرتابة والروتين الورقي المتهالك في الحصول على الأوراق أو المستمسكات الرسمية، أتمتة الدوائر والسيطرة على النظام الذي يديريها، سيحل أغلب المشاكل العالقة ويفتح آفاقاً جديدة لتسهيل مهمة الدولة والمواطن، ويعزز دور المؤسسات الحكومية والقطاع الخاص في بناء الدولة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى