حليب الأم هو أفضل غذاء طبيعي للطفل منذ ظهور البشرية، فكيف يجعل البعض قيمته موضع تساؤل؟ هذا ما يحدث مرارا وتكرارا، لأن قطاع إنتاج أغذية الأطفال الصناعية سوق عالمية تُقدر بالمليارات.
إن دور حليب الأم لا يقتصر على تغذية الأطفال الرضع بقدر ما يهدف إلى تزويدهم بجزيئات سُكَّر يفتقرون إليها. لكن كيف يزيد حليب الأم مناعة الطفل؟ وما هي الأمراض التي يقي منها؟ ومتى يكون حليب الأم ضاراً بالرضيع؟
لا تقتصر فوائد الرضاعة على صحة الطفل فحسب، بل إن الأم المرضعة أقل معاناة من الضغط العصبي وحالات الخوف والتوتر النفسي. وسبق وأن أثبتت دراسات عديدة التأثيرات الإيجابية للرضاعة على ضربات قلب وضغط دم الأم المرضعة، لكن باحثين ألمان رصدوا في دراسة حديثة تأثير الرضاعة على الحالة الشعورية والنفسية للأم.
مرة أخرى تتأكد فوائد الرضاعة الطبيعية، وهذه المرة في وجه أحد أبرز كوابيس الأمهات، وتحديدا “موت المهد”، إذا أكدت دراسة أكاديمية أن الرضاعة الطبيعية، حتى ولو كانت مكملة، تقلّل من احتمالات وقوع حالات الموت بحوالي النصف.
أظهرت دراسة جديدة أن طول فترة الرضاعة الطبيعية يحد من خطر الإصابة بمرض السكري لدى الأمهات حتى بعد عشرات السنين. ولكن لماذا يوصى أطباء الأطفال بألا ترضع الأمهات أولادهن إلا بشكل طبيعي إلى أن يصبح عمرهم ستة أشهر على الأقل؟
على صعيد ذي صلة، كثيرا ما يبدأ الطفل في البكاء أثناء الرضاعة ثم يتوقف عنها تماما وهو أمر له أسباب يحتاج اكتشافها لمراقبة توقيت البدء بالبكاء، فبعض التصرفات مثل تغيير العطر أو وضعية الرضاعة تربك استيعاب الطفل وتتسبب في توقفه عن الرضاعة.
هل يدخل طفلك فيما يشبه “الإضراب” عن الرضاعة بشكل مفاجئ؟ لهذا الأمر أسباب عديدة ترجع عادة لحدوث اضطراب لدى الطفل قد يكون بسبب شم رائحة غير معتادة عليه كمعطر جديد للملابس أو مزيل لرائحة العرق على سبيل المثال. وعادة ما يتأقلم الطفل في أسابيع عمره الأولى على تقنية الرضاعة من الثدي والتي تختلف بشكل كبير عن الرضاعة من الزجاجة (الببرونة)، لذا فإن تغيير أسلوب الرضاعة بين الطبيعي والصناعي من شأنه إصابة الطفل بالاضطراب وهو ما يؤدي أيضا إلى توقفه عن الرضاعة وهنا ينصح الخبراء بالاكتفاء بالرضاعة الطبيعية خلال الأسابيع الأولى في عمر الطفل والتخلي التام عن كافة أشكال الرضاعة الصناعية، العالم اليوم يتجه إلى الالتزام بالرضاعة الطبيعية وذلك بعد عقود من انتشار اعتقاد خاطئ يرى أن حليب الأم الطبيعي يمكن تعويضه بباقي المنتجات الصناعية تحت اسم “الحليب الصناعي”، إلا أن أكثر من 1300 دراسة علمية حول العالم أشارت إلى الفوائد الصحية والاقتصادية للرضاعة الطبيعية، خاصة أنها قد تنقذ حياة نحو 820 ألف طفل سنوياً وهو ما يقارب 13% من مجموع وفيات الأطفال دون سن الخامسة.
فوائد صحية جديدة تحفز الأمهات على الإرضاع الطبيعي
أصبح الآن لدى الأمهات اللائي يرضعن أولادهن سبب آخر لمواصلة ذلك -مادام في وسعهن القيام به- بعد أن أشارت دراسة أمريكية إلى أن طول فترة الرضاعة الطبيعية مرتبط بتراجع خطر الإصابة بمرض السكري حتى بعد عشرات السنين.
وأوصى أطباء الأطفال بألا ترضع الأمهات أولادهن إلا بشكل طبيعي حتى يصبح عمرهم ستة أشهر على الأقل، لأن ذلك يحد من خطر إصابة الرضع بأي عدوى في الأذن والجهاز التنفسي والموت المفاجئ للرضع والحساسية والبدانة والسكري.
وينصح الأطباء الأمهات بمواصلة الرضاعة الطبيعية لمدة عام على الأقل، وهي عادة ربطتها دراسات سابقة بالحد من خطر الإصابة بالاكتئاب والبدانة وأنواع معينة من السرطان. ومن أجل هذه الدراسة فحص الباحثون بيانات 1238 أُمّاً لم يكنّ مصابات بالسكري في البداية. وخلال الخمس وعشرين سنة التالية أصيبت 182 امرأة بالسكري. وقل احتمال الإصابة بالسكري بنسبة 48 في المائة لدى الأمهات اللائي أرضعن أولادهن بشكل طبيعي لمدة ستة أشهر على الأقل، بالمقارنة بالأمهات اللائي لم يرضعن أولادهن بشكل طبيعي مطلقا.
وقالت اريكا جوندرسون من قسم الأبحاث بشركة كايزر بيرماننت في أوكلاند بولاية كاليفورنيا الأمريكية: “قد تكون هناك فوائد صحية للنساء من الرضاعة الطبيعية أكبر مما كان معروفا من قبل”. وقل احتمال الإصابة بالسكري بنسبة 48 في المائة لدى الأمهات اللائي أرضعن أولادهن بشكل طبيعي لمدة ستة أشهر على الأقل، بالمقارنة بالأمهات اللائي لم يرضعن أولادهن بشكل طبيعي مطلقا.
تقي طفلك من موت المهد
أوضحت دراسة جديدة أن الرضاعة الطبيعية لشهرين على الأقل تقلّل من احتمال الموت المفاجئ للرضيع تحت 12 شهرا، أو ما يُعرف علميا بـ”متلازمة موت الرضع الفجائي” أو “موت المهد”، ويرمز إليه بالأحرف SIDS، بنسبة تصل إلى 50 بالمئة.
الدراسة التي أصدرتها جامعة فرجينيا بداية هذا الأسبوع ونشرت خلاصاتها على موقعها، تؤكد أن مجرّد إرضاع الطفل طبيعيا، حتى ولو تكن هذه الرضاعة هي غذاؤه الوحيد (مثلا إرضاعه إلى جانبها حليب الصيدليات بالنسبة للأمهات اللائي يشتكين قلة حليبهن)، تقلّل من احتمالات وقوع موت المهد الذي يُصيب الرضع بشكل فجائي عندما يكونون نياما، بنسبة النصف، وقال كاواي تانابي، باحث في مدرسة الطب بجامعة فريجينيا إن نتائج الدراسة قوية للغاية، وتؤكد من جديد على أهمية الرضاعة الطبيعية. وقد توصل الباحثون لنتائج هذه الدراسة بعد تحليل نتائج ثماني دراسات عالمية أخرى درست 2259 حالة لموت المهد و6894 تشخصيا طبيا لرُضع لم يصابوا به.
وليست هذه هي الدراسة الأولى التي أكدت قوة الرضاعة الطبيعية في تفادي موت المهد، لكنها الدراسة الأولى التي تعطي بالتحديد المدة اللازمة لهذه الرضاعة في هذا الشأن، إذ إن إرضاع الطفل طبيعيا لمدة تقل عن شهرين لا يمكّن الحليب الطبيعي من أداء دوره بهذا الخصوص.
تجعل ابنك أكثر ذكاءً وغنىً عندما يكبر
أفادت دراسة نُشرت في مجلة “لانسيت”، المختصة بشؤون الصحة، أن الأطفال الذين رضعوا رضاعة طبيعية يتمتعون -عندما يكبرون- بذكاء أكبر ويكسبون مالا أكثر. وأكد الباحث “برناردو ليسا هورتا”، من جامعة بيلوتاس البرازيلية والذي قاد الدراسة، أن تأثير الرضاعة الطبيعية على تطور الدماغ وذكاء الأطفال كبير، لكن الدراسة لم تُشر إلى استمرار ذلك إلى سن متأخرة من العمر، وبينت فقط أن الرضاعة الطبيعية تزيد من الذكاء حتى سن الثلاثين، كما نقلت وكالة الأنباء الفرنسية.
وينصح الباحث “هورتا” وفريقه بالرضاعة الطبيعية للطفل حتى عمر 12 شهرا، على الأقل، لمزاياها الكثيرة. وبينت الدراسة، التي خضع لها ثلاثة آلاف وخمسمئة شخص منذ الولادة حتى سن الثلاثين، أن نسبة الذكاء عند الشخص الذي رضع رضاعة طبيعية مرتفعة بنسبة أربع نقاط في مقياس درجة الذكاء.
كما أن الشخص الذي رضع رضاعة طبيعية متفوق في المدرسة ودخله الشهري يفوق دخل أولئك الذين رضعوا رضاعة طبيعية لمدة تقل عن ستة أشهر، كما أوضحت الدراسة أن الخلفية الاجتماعية والدخل والمستوى التعليمي للأمهات لا يؤثر على دور الرضاعة الطبيعية، وأن مكونات الحليب هي المسؤولة الوحيدة عن نمو الدماغ، يذكر أن الدهون المتراكمة في منطقة الفخذين والأرداف ضرورية لتكوين مخ الرُضع، وأن خلايا في هذه المنطقة تساهم بصورة مباشرة في تطوير مخ الرُضع خلال فترة الرضاعة، كما أن مشاكل المعدة والعيون والجهاز التنفسي شائعة أكثر بين الأطفال الذين يتغذون على ألبان صناعية، إضافة إلى أن الأمهات اللواتي يحافظن على الرضاعة الطبيعية تتراجع عندهم نسبة الإصابة بسرطان الثدي.
للرضاعة فوائد تعود على الأم أيضا
ورصدت الدراسة، التي أجراها باحثون بمعهد ماكس بلانك للعلوم العصبية بمدينة لايبزغ الألمانية، زيادة في حساسية استقبال المشاعر الإيجابية لدى الأمهات المرضعات مع تراجع في درجة حساسيتهم للمشاعر السلبية. وجمع الباحثون معلومات حول كل أم ومعدل إرضاعها لطفلها، ثم عرضوهم لبعض المواقف لرصد مشاعر التعاطف والتأثر لديهم. وأظهرت النتيجة أن الأمهات الأكثر إرضاعا لأطفالهن، كن أسرع تفاعلا مع المشاعر الإيجابية.
وقالت كاثلين كرول، من معهد ماكس بلانك، في تصريحات نقلها موقع wissen.de المعني بالأخبار العلمية: “من المرجح أن السبب في ذلك يرجع لهورمون الأوكسيتوسين”. ويرتبط هورمون الأوكسيتوسين بعملية الولادة ويؤثر على الارتباط بين الأم والطفل، وأضافت كرول أن الفريق البحثي يرغب في إجراء المزيد من الدراسات لرصد تأثير عناصر أخرى مثل الهورمونات والجينات، على عملية الرضاعة وتأثرها بها.
حليب الأم .. غذاء ودواء
قال باحثان من سويسرا إن الإنسان يتمتع بأكثر أنواع حليب الأم تعقيداً بين الثدييات، لأن هذا الحليب يحتوي على أكثر من 200 جزيء من السكر. ورأى الباحثان تيري هينيت ولوبور بورسيج من جامعة زيوريخ في دراستهما، التي نشرت الثلاثاء (19 أبريل/ نيسان 2016) في مجلة “تريندس إن بيوكيمكال ساينس” لأبحاث الكيمياء الحيوية، أن هذه التركيبة المعقدة صعبت على الباحثين دراسة الآثار الفعالة الكثيرة لحليب الأم بالنسبة للأم والطفل.
وأكد الباحثان أن دور حليب الأم يتجاوز بكثير كونه مجرد غذاء للرضيع، مضيفين أن الرضاعة تخفض نسبة الوفاة بين الرضع وتحمي من الأمراض المعدية. وأوضح الباحثان أن تركيبة جزيئات السكر في حليب الأم تتغير مع استمرار فترة الرضاعة، ما يغير تركيبة البكتيريا الصديقة في أمعاء الطفل، ومن المعروف أن هذا التغير لا يضمن فقط سلامة صحة الأمعاء بل يؤثر على عملية الأيض إجمالاً وعلى بداية الإصابة بالسمنة أو الربو.
وأشار الباحثان إلى أن كل ثدي من ثديي الأم ينتج 450 غراماً من الحليب يومياً في الأسابيع الأولى التالية للولادة، وأن هذه الكمية تتراجع إلى 200 غرام يومياً بعد عام ونصف من الرضاعة وذلك بحسب كثافة الرضاعة. كما قال الباحثان إن حليب الأم لا يقوم في الأسابيع الأولى التالية للولادة بدور تغذية الأطفال الرضع بقدر ما يهدف إلى تزويد أمعاء الرضيع بالبكتيريا الصديقة من خلال جزيئات السكر الموجودة في حليب الأم، ذلك أن أمعاء الرضع تكون خالية من هذه البكتيريا عند الولادة.
كما فصّل الباحثان كيفية دعم الرضاعة الطبيعية لنظام المناعة عند الرضع، إذ قالا إن حليب الأم يحتوي عقب الرضاعة مباشرة على نسبة عالية من البروتينات النشطة التي تعمل كمضادات حيوية على شكل ما يعرف بالسيتوكينات والأحماض الأمينية المضادة للممرضات البكتيرية حيث تحد هذه البروتينات من نمو هذه البكتيريا الممرضة، وتحمي الرضيع حتى يصبح نظام المناعة لديه قادراً، عندما يبلغ من العمر شهراً تقريباً، بدور حماية الجسم من هذه الممرضات.
ثم تتراجع، حسب الباحثين، أعداد الأجسام المضادة في حليب الأم بشكل هائل، إذ تقل بنسبة نحو 90 في المائة ويتراجع معها أيضاً تنوع جزيئات السكر، في حين تزداد نسبة الدهون التي تدعم نمو الطفل. غير أن الباحثين أكدا في الوقت ذاته أن حليب الأم لا يحمل فقط كل ما هو حميد للرضيع، إذ تتجمع في أنسجة الثدي أحياناً مواد ضارة مثل المعادن الثقيلة وبقايا المبيدات أو مواد ذات تأثير شبيه بتأثير الهرمونات، وكل هذه مواد تضر بصحة الأطفال الرضع. ورغم أن الكثير من الدول حظرت هذه المواد، إلا أن الباحثين عثرا على عدد منها، مثل المبيد الحشري “دي دي تي”، ما يعني أن هذه المواد لا تزال تستخدم في مقاومة الآفات.
كيف يجد حديثو الولادة طريقهم لحلمة الثدي؟
يجد الأطفال حديثي الولادة طريقهم إلى أثداء إمهاتهم، ما إن يتم وضعهم على بطن الأم. إذ كشفت دراسة مؤخراً ارتباط هذه الغريزة بدرجة حرارة حلمة الثدي التي ترتفع بما يصل إلى 0,4 درجة مئوية، وذلك مقارنة بما قبل الولادة.
قال باحثون من إيطاليا في دراستهم التي نشرت مؤخرا في مجلة “أكتا بيدياريكا” لأبحاث الأطفال إن درجة حرارة حلمة الثدي تلعب دورا مهما في تمكن الرضع من الوصول للحلمة. وقيم فريق الباحثين تحت إشراف فينتشنزو زاناردو من المستشفى العام بمدينة أبانو تيرمي شمال إيطاليا باستقصاء حالة 41 طفلا حديث الولادة ولدوا بشكل طبيعي وكذلك أمهاتهم، وقاس الباحثون خلال الدراسة درجة حرارة حلمة الثدي وتجويف الحلمة قبل الولادة وبعدها وكذلك درجة حرارة شفتي الرضع وجبهتهم. تبين للباحثين أن درجة حرارة منطقة حلمة الثدي تبلغ 35.22 درجة مئوية وأنها تكون بذلك أدفأ من بقية الثدي. كما ارتفعت درجة الحرارة في حلمة الثدي حتى اليوم الثاني عقب الولادة بما يصل إلى 0.4 درجة مئوية وذلك مقارنة بما قبل الولادة.
وفي الوقت ذاته بلغت درجة حرارة الأطفال الرضع عند الشفتين 33.3 درجة مئوية أي أقل منها عند الجبهة. ورجح الباحثون أن الفارق بين درجتي الحرارة يمكن أن يقود شفتي الطفل عقب الولادة إلى ثدي أمه. وكان من المعروف للعلماء بالفعل أن الأطفال الرضع ينجذبون إلى ثدي الأم المرضعة من خلال رائحة حلمة الثدي. غير أن أصحاب هذه الدراسة أكدوا أن درجة الحرارة الأعلى لحلمة الثدي يمكن أن يساهم بشكل أفضل في التعرف على رائحة الثدي. كما أقر الباحثون بأن نتيجة الدراسة غير مطلقة وشددوا في هذا السياق على ضرورة إجراء المزيد من الدراسات لمعرفة الدول الذي تلعبه عوامل أخرى مؤثرة مثل سن الأم طريقة الولادة.
الرضاعة الطبيعية تقلل من السلوك العنيف
يقول الدكتور تامسن روتشات، من مجلس العلوم الإنسانية في جنوب إفريقيا: “أدركنا الآن أن المدة التي يتغذى فيها الطفل على حليب الأم وحده هامة جداً لتطور نمو الطفل”، فالاضطرابات السلوكية التي تظهر في الطفولة قد تؤدي إلى السلوك العنيف، وربما تؤثر على العملية التعليمية، والعلاقة مع الأقران، ما قد يسبب ضعف الثقة بالنفس والمشكلات السلوكية الأخرى.
كما أن المشكلات السلوكية التي تبدأ في الطفولة وتستمر حتى سن المراهقة ترتبط بالسلوكيات العدوانية والإجرامية، وكذلك باحتمال الإصابة بالأمراض العقلية على المدى الطويل، وضعف المستوى الدراسي. وتقدر التكلفة السنوية للجرائم الناتجة عن المشكلات السلوكية التي تبدأ في الطفولة بـ79 مليار جنيه إسترليني.
وتقول د. روث بلاند، من جامعة جلاسجو: “تشير الدراسات في الدول ذات الدخل المرتفع إلى أن تكلفة المشكلات السلوكية ضخمة للغاية”، وذكرت د. روث أن دراسات سابقة أشارت إلى أن الجرائم التي يرتكبها الأشخاص الذين عانوا من المشاكل السلوكية في الطفولة تبلغ تكلفتها 60 مليار جنيه إسترليني سنوياً على مستوى العالم.
ويقول د. بيتر سينجر، المدير التنفيذي لمؤسسة جراند تشالنجز الكندية، التي قامت بتمويل الدراسة: “تشير هذه الدراسة إلى أن الآباء يمكنهم أن يجعلوا من أطفالهم أشخاصاً أصحاء واجتماعيون وأذكياء ببساطة: بالرضاعة الطبيعية”، وتحذر منظمة الصحة العالمية من أن معدلات الرضاعة الطبيعية في بريطانيا هي الأدنى على مستوى العالم.
وتفيد الإحصاءات بأن طفلاً واحداً من كل 200 طفل، أي ما نسبته 0.5%، في المملكة المتحدة يحصل على الرضاعة الطبيعية حتى عمر 12 شهراً، بالمقارنة، تبلغ تلك النسبة في الولايات المتحدة 27%، وفي النرويج 35%، وفي نيوزيلاندا 44%، وفي الهند 92%.
منظمة اليونيسيف تفيد بأنه يمكن الحد من بدانة الأطفال والإصابة بالأمراض المعدية بصورة كبيرة إذا ما قرر عدد أكبر من الأمهات إرضاع أطفالهم رضاعة طبيعية، أما الأمهات أنفسهن فتعتبر الرضاعة الطبيعية هامة بالنسبة لهن؛ وذلك لأن نسبة الإصابة بسرطان الثدي أقل كثيراً بين النساء اللاتي أرضعن أولادهن رضاعة طبيعية.
فوائد الرضاعة الطبيعية
الرضاعة الطبيعية تنقذ طفلك من احتمالات الإصابة بداء السكري ومرض السمنة.
تحسن الرضاعة الطبيعية أداء الأطفال وترفع مستوياتهم في اختبارات الذكاء كما تؤدي إلى تحسين الأداء الأكاديمي.
ترفع الرضاعة الطبيعية من نسبة مقاومة مناع الطفل لأمراض للأمراض المعدية واللوكيميا ومتلازمة الموت المفاجئ للرضع.
كما تقلل خطر إصابة الأمهات بسرطان الثدي بنسبة 6% وتخفض خطر إصابتهن بسرطان المبيض، وتقلل الرضاعة الطبيعية من الإصابة باكتئاب ما بعد الولادة.
أضرار الحليب الصناعي
قبل سنوات كانت الشركات المنتجة للحليب الصناعي تروج منتجاتها للأمهات المتقدمات في العمر، بإقناعهن أن الحليب الصناعي غير ضار، وبديل جيد ومكافئ للرضاعة الطبيعة ولكن في الحقيقة أنه إلى جانب أن الحليب الصناعي يحرم الطفل من فوائد حليب الأم إلا أن له عدة أضرار وهي: يفقد الطفل الرابطة النفسية بين الطفل وأمه، يقلل من مستوى الجهاز المناعي الرضيع.
في دراسة أجريت في تورنتو على 2148 طفل رضيع، أشارت النتائج أن الأطفال الذين تلقوا رضاعة صناعية يتعرضون إلى الإصابة بأزمات الربو بنسبة تزيد عن 50 % مقارنة بالأطفال الذين تلقوا رضاعة طبيعية، تزيد من احتمالات التعرض لخطر الإصابة بالتهابات الأذن.
الحليب الصناعي يرفع من نسبة إصابة الطفل بالإكزيما وحساسية الطعام، يتسبب الحليب الصناعي في مشكلات بالهضم لدى الرضيع مثل الإسهال والغازات والانتفاخ، خاصة في شهوره الأولى، وتنصح منظمة الصحة العالمية بأن يظل حليب الأم هو مصدر الغذاء الرئيسي حتى سن 6 أشهر، وتوصي بالاستمرار في الرضاع الطبيعية إلى جانب الغذاء الصلب حتى وصول عمر الطفل إلى سن عام.