الشيخ كامل الباهلي
كتب الشيخ كامل الباهلي: الانتخابات، الملف المحارب
إن الانتخابات ليست ممارسة مؤقتة تمارسها الأمة من دون بعد نظر. ولا هي فعالية سريعة مستعجلة يخرج من خلالها اشخاص معينون لحكم البلاد،
و إنما هي منظومة متكاملة تشمل :
أولا
المناخ السياسي المناسب: وهو إيمان الأحزاب السياسية بالتداول السلمي للسلطة والقبول بمخرجات الانتخابات. وتشريع قانون انتخابات عادل، وعدم اللجوء إلى الدول الأخرى لطلب الدعم، وعدم استعمال النفوذ السياسي أو المال السياسي فيها.
ثانيا
الأدوات الحكومية: وهي المؤسسات الإدارية واللوجستية التي تدير العملية الانتخابية من مفوضية الانتخابات وغيرها. والتي يجب أن تكون مستقلة وكفوءة للحفاظ على هذا الحق الجماهيري المهم.
ثالثا
الثقافة الاجتماعية: وهي وعي الأمة بمكانة وأهمية الانتخابات، وإنها حق من حقوقها في تقرير مصيرها. وحرصها على المشاركة الفاعلة فيها، وعدم السماح بتوهينها وتضعيفها وتحويلها إلى ممارسة شكلية لتدوير الأحزاب والشخصيات الفاسدة. والتدقيق في البحث عن الصالح للقيادة والإصرار على إيصال المخلصين الكفوئين إلى مراكز القرار. والحذر من الوقوع في شراك الفاسدين، واستبدال الفاسدين الفاشلين بآخرين كفوئين صالحين.
رابعا
طبقة النخبة: وهي طبقة الكفاءات الوطنية، من أساتذة الجامعات وأصحاب الشهادات، ورجال الدين، والنخبة الواعية من المثقفين. التي على عاتقها تقع مسؤولية إشاعة ثقافة التداول السلمي للسلطة، وثقافة البناء والإعمار. والمطاولة والثبات على ترسيخ هذه الثقافة، أمام زحف الثقافات الأخرى التي تريد غزو الفكر الاجتماعي. كالطائفية والعنتريات والكذب والتجهيل و الانبهار بالغرب، وغيرها من الثقافات، فالطبقة المثقفة والنخبة الواعية هي المسؤولة عن الحفاظ على المجتمع وخصوصا الشباب من الانزلاق في زحمة الفتن ومشاريع التخريب الاجتماعي. التي تقف وراءها بعض دول الخارج و الطبقة السياسية الحاكمة.
فالمجتمع العراقي مجتمع متحضر جيلا قبل جيل والحضارة تسري فيه مسرى الدم في العروق. وهو أولى من البلدان الأخرى بالاستقرار و بناء صروح الحضارة والعلم وبناء مجتمع متمدن متسالم ومتجانس.
غير أن المشاريع الخارجية هي التي خربت البناء الاجتماعي العراقي عن طريق عملائهم من السياسيين الفاسدين والفاشلين حتى أصبح المجتمع منقسما على نفسه عدة أقسام.
هذه هي نظرتنا لملف الانتخابات وأهميتها ومكانتها. وضرورة إنجاحها واستمرارها كثقافة اجتماعية تحرص على الحفاظ على الاستحقاق الجماهيري في بناء دولة عادلة وطنية قوية، تبني البلاد، وتحميه من التدخلات الخارجية. وتحافظ على هويته ونسيجه الاجتماعي، وتستثمر خيراته لتوفير العيش الكريم لشعبه، كما أن هذه الثقافة لا تسمح بعودة الانقلابات العسكرية ولا حكم الديكتاتوريات. كما تضمن مبدأ تكافؤ الفرص لكل الكفاءات المخلصة في خدمة البلد عن طريق وصولهم إلى مراكز القرار. ولا يكون الحكم حكرا على طبقة سياسية مستكبرة أثبتت فسادها وفشلها.
اما ما تسعى له الأجندات الخارجية، العدوة للشعب العراقي ويساعدها فيه الطبقة السياسية الحاكمة فهو تحويل الانتخابات إلى عملية شكلية ليس لها أي ثوابت أو قوانين وإنما هي وسيلة لجمع الأصوات بأي طريقة كانت. سواء عن طريق اشعال الحروب الداخلية الطائفية، أو افتعال الأزمات، أو استعمال التجهيل أو الرموز الدينية أو استغلال النفوذ السياسي والمال السياسي والتزوير وغيرها من وسائل الخداع والفساد.
على أن هذه الأساليب هي التي أدت إلى تسقيط وتشويه صورة الانتخابات وتضييع مكانتها لدى الأمة. حتى اقتنع الكثير من أبناء المجتمع العراقي وبينهم بعض الواعين والنخبة المثقفة بمقاطعة الانتخابات.
غير أن هذه المحاربة الشرسة للانتخابات هي التي تدعونا وتدفعنا الى التمسك بها والدفاع عنها كحق من حقوقنا في تقرير مصيرنا ومصير بلادنا، كما تدفعنا أكثر إلى المشاركة في الانتخابات والمحافظة عليها من التضييع والتشويه وتحويلها إلى وسيلة رخيصة يطمح فيها الصالح و الطالح.
أن دورنا في إثبات الوسائل والممارسات الصحيحة والشرعية لحكم البلاد ومنها الانتخابات، ومعارضة ومحاربة الفساد، وتخليص الأمة من الفتن، دور مهم وصعب في نفس الوقت، حيث يمثل السباحة عكس التيار من الفتن والصراعات. كما أن دورنا في دعم الشخصيات الوطنية الكفوءة المخلصة وإيصالها إلى مركز القرار اهم وأصعب من ذلك. إن المهم في الشخصية الواعية هو الثبات على الطريق المعتدل والعقلائي مهما طالت المدة و كثرت الفتن.
ومن هنا فإن إصرارنا على المشاركة في الانتخابات والحفاظ عليها ودعم الكفاءات المخلصة للوصول إلى مراكز القرار إنما هو من أجل استمرار هذا النهج المعتدل والحريص على البلد وخيراته وشعبه والكاشف للمخططات الفاسدة التي تقوم بها الأحزاب والطبقة السياسية الحاكمة لتدمير البلد ونهب خيراته.
لتصلك آخر الأخبار تابعنا على قناتنا على تلغرام: النعيم نيوز
كما يمكنك الاشتراك على قناتنا على منصة يوتيوب لمتابعة برامجنا على: قناة النعيم الفضائية