كتب أحمد البديري: في ظل فشل الحكومة العراقية عن معالجة الملفات الساخنة كالأزمات الاقتصادية والأمنية والثقافية وتري الخدمات الصحية والتعليمية وغيرها، التي تعاني من البلاد من آثارها، والتي ألقت بظلالها القاتمة على المجتمع العراقي الذي استبشر خيراً بهذه الحكومة في بداية تشكيلها، على أمل تصحيح اخطاء سابقتها، وأن لا تسير على خطى حكومة الكاظمي الفاشلة والفاسدة، فإذا بهذه الحكومة تحذوا حذوها في كل مظاهر العجز والتخبط والفساد.
فلا تزال أزمة ارتفاع الدولار وانهيار الدينار العراقي متواصلة دون أي معالجة عملية تحد من التلاعب في سعر صرف الدولار، وإنما اكتفت حكومة السوداني بملاحقة أصحاب الشركات الصغيرة ومكاتب الصيرفة البسيطة، وفي المقابل تغض النظر عن المصارف والشركات الحزبية التي تحتكر شراء وبيع الدولار بالاتفاق مع وزارة المالية والبنك المركزي، ليتم تهريبه إلى الإقليم أو إلى دول الجوار بدون أي إجراءات حكومية جادة.
وعلى صعيد التعليم فإن تخبط وزارة التربية والقائمين عليها ظهر جلياً مع بداية العام الدراسي الجديد، وتجدد كارثة عجز الوزارة عن تجهيز المدارس بكتب المناهج الدراسية، فضلاً عن القرطاسية التي أصبحت أصلاً في طي النسيان، بالإضافة إلى تسبب الزخم الذي تعاني منه المدارس نتيجة الأبنية القديمة المتهالكة والأعداد الكبيرة للطلاب إلى الاعتذار عن استقبال الطلبة الجدد، لعدم القدرة على استيعابهم في المدارس المكتظة أصلاً بحشود التلاميذ.
وعلى صعيد الوضع الأمني فإن الهجمات الخارجية التي تشن على البلاد كالقصف التركي والإيراني المستمر بسبب وجود قوى المعارضة في إقليم كردستان، بالإضافة الى الهجمات المتواصلة التي تستهدف الأجهزة الأمنية من قبل مجاميع إرهابية، وكذلك الوضع الأمني غير المستقر في كركوك، واستمرار انتشار المظاهر المسلحة للجهات السياسية والعشائرية، واستهداف المواطنين وانتشار المخدرات وغيرها من دلالات مظاهر التدهور الأمني.
وكذلك مظاهر الإرباك والفشل والفساد الذي تعاني منه الوزارات الأخرى كالتجارة والزراعة والصحة …. الخ والذي يبدوا جلياً، بالإضافة إلى استمرار هيمنة الشركات الأجنبية على قطاعي الاتصالات والنفط هي جزء من العجز والفشل في الحكومة القائمة.
إلا أن الملف الوحيد الذي يبدو أن الحكومة برعت فيه ونجحت نجاحاً باهراً هو مهرجانات التعري والتفاهة وانتشار الترويج للشذوذ الجنسي، بالإضافة إلى الترويج غير المسؤول للجندر والمثلية في كل مفاصل مؤسسات الدولة، وحتى أطفالنا لم يسلموا من الهجمة المثلية ومخطط الترويج لها، ويكفي لتصور لجناية وزارة التربية والقائمين عليها من خلال جريمة الترويج للشذوذ في المناهج الدراسية وأغلفة الكتب التي لم تسلم حتى (كتب التربية الاسلامية) للمراحل الابتدائية من طباعة شعار الشاذين جنسياً على أغلفتها.
وكان آخر الإنجازات الحكومية ووزارة (الثقافة) التافهة هي إقامة مهرجان (الفاشينيستا والمثلية) بمناسبة (عيد الاستقلال) وبرعاية الحكومة ومؤسساتها الأمنية والسيادية والخدمية وتحت أنظار أحزابها الإسلامية المنافقة العفنة ؟!
وفي نفس يوم المولد النبوي الشريف (17 ربيع الاول) وبدل إحياء هذه المناسبة الشريفة لسيد الخلق ومنقذ الإنسانية من الجهل والظلمات وعبادة الأصنام، واستذكار معالم ومعاني من سيرته العطرة، بادرت الحكومة الجليلة ووزارة الثقافة المجيدة بالتعاون مع نقابة الفنانين المجاهدة لإقامة محفلها الشيطاني ومهرجانها للتعري والعربدة وتحت لافتة إحياء مناسبة وطنية مهمة في تاريخ العراق وهي مناسبة عيد الاستقلال ؟!
المرجعية الدينية الرشيدة سارعت للتنديد بهذه الفعالية المبتذلة، وحملت الحكومة المسؤولية الكاملة عن إقامتها، وعبر المرجع اليعقوبي بكلمة وخطاب صدر عنه خلال إقامة مؤتمر أئمة المساجد في العراق بالنجف الأشرف، عن شجبه واستنكاره لما وصفه بـ (الانتهاكات الدينية والأخلاقية والوطنية التي حصلت في عيد الاستقلال)، وجاء في بيان مكتب المرجع اليعقوبي ( واستنكر سماحتُهُ بشدة ما حصل قبل يومين من انتهاكات للقيم الدينية والأخلاقية والوطنية في احتفالات الفسق والفجور التي أقيمت بمناسبة العيد الوطني للاستقلال).
وعبر سماحة المرجع اليعقوبي عن شجبه لإقامة مثل هذه الفعاليات المسيئة في بلد المقدسات والإسلام، وبمثل هذه المناسبات الوطنية الهامة والتي يجب أن تعكس فعالياتها التضحيات الجسيمة التي قدمها الشعب العراقي بكافة شرائحه من علماء ومفكرين ورجال ونساء من أجل استقلال العراق من الاحتلال الأجنبي وجاء في البيان المنشور عن مكتبه في النجف (وتأسف شاجباً كل هذه الممارسات التي تسيء لتاريخ العراق بلد الإسلام والمقدسات وتستهين بتضحيات العلماء والمفكرين والشرفاء الذين أعطوا العراق رونقه الحضاري في ثورة العشرين وما بعد ثورة العشرين، من أجل نيل الاستقلال لبلدنا العزيز).
ويضيف سماحته مستنكراً إقامة مثل هذه الفعاليات المسيئة والتي تقام على شرف رموز التفاهة والسفاهة والانحطاط وفي مثل هذه المناسبات الوطنية التي يجب أن تجسد تاريخ العراق وشعبه المجاهد والمكافح لنيل حريته واستقلاله من كل القوى المحتلة وبكل صورها وأنماطها فيغيب رموز الاستقلال الحقيقيين ويحتفى بالمنحرفين والتافهين (فيٌحتَفى بهذه الطريقة التي يستدعى فيها مجموعة من التافهين والتافهات للاستعراض في بغداد.. فهل هؤلاء الفسقة هم الذين حرروا العراق أو ساهموا في استقلاله؟!).
أما موقف المرجعية من الجهات الراعية لمثل هذه المهازل والمهرجانات المسيئة والمزرية والمشينة، فإن المرجع اليعقوبي يحمل الحكومة محاسبة القائمين على هذا المهرجان التافه الفاسد لإثبات براءتها من مسؤوليته ورعايته ويستغرب من سكوتها على فضيحته (وتسائل سماحتُهُ كيف تمر هذه الفعالية المشينة وتغض الحكومة الطرف عنها ولا تحاسب القائمين عليها؟!).
إن إقامة مثل هذه المهرجانات الباهظة مادياً والخاوية ثقافياً بفعالياتها الماجنة بين الفترة والأخرى ومن قبل الحكومات المتعاقبة هو دلالة إما على تخاذلها وفشلها أو مسؤوليتها عن إقامتها لأهداف وغايات متعددة تصب في خانة مصالحها السياسية فتارة لإشغال الرأي العام بمثل هذه القضايا الساخنة عن القضايا الأساسية كملفات الخدمات الأساسية والحاجات المعيشية والمواضيع السياسية الهامة، وتارة أخرى لكسب رضا الجهات التي ترعى الترويج لثقافة الانحلال والتفاهة والانحطاط وتعمل على نشرها في المجتمع العراقي لتذويب هويته الوطنية والدينية والأخلاقية.
الحكومة الحالية عليها أن تقف موقفاً واضحاً من استمرار الفعاليات التي تروج للانحطاط والمثلية والتفاهة في المجتمع العراقي، وأن تبرهن على براءتها وعدم مسؤوليتها عن هذه الفعاليات والتصرفات، وذلك من خلال محاسبة الجهات التي تتبنى للترويج ونشر هذه الظواهر السلبية والدعوات الفاسدة لمسخ هوية الشعب العراقي وتشويه ثقافته الدينية والأخلاقية.
وقديماً قيل:
إذا كنت لا تدري فتلك مصيبة *** وإن كنت تدري فالمصيبة أعظم
لتصلك آخر الأخبار تابعنا على قناتنا في موقع التلغرام: النعيم نيوز
ولمتابعتنا على موقع فيسبوك يرجى الضغط أيضا على الرابط التالي: النعيم نيوز
كما يمكنك الاشتراك أيضا على قناتنا في منصة يوتيوب لمتابعة برامجنا على: قناة النعيم الفضائية
ولا تنسى أيضا الاشتراك في قناتنا على موقع الانستغرام: النعيم نيوز