أقيمت صلاة الجمعة المباركة، بمسجد وحسينية الإمام الحسن المجتبى (ع) في خانقين/منطقة علي مراد، بإمامة الشيخ حسين المندلاوي، وبحضور جمع مبارك من المؤمنين.
وتضمنت خطبة صلاة الجمعة، وتابعتها “النعيم نيوز”:
عنوان الخطبة (يوم عرفة، يوم التوبة العالمي)
بسم الله الرحمن الرحيم
قال تعالى: (إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَٰلِكَ لِمَن يَشَاءُ وَمَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَىٰ إِثْمًا عَظِيمًا) (48) سورة النساء.
المقدمة:
توجد في الإنسان جنبتان، جنبة إلهية تتمثل بقوله تعالى (وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي)، وأخرى مادية (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ أَرَضِيتُم بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ (38).
ويعيش صراعاً داخلياً يتمثل برغبات كل جنبة، الجنبة الإلهية تريد ان تأخذ بالإنسان إلى عالم القرب والملكوت والتخلق بصفات الله تبارك وتعالى، والجنبة الحيوانية تريد الهبوط بالإنسان إلى أسفل سافلين، قال تعالى (أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا (44).
كثيراً ما تأخذ الفرد الشهوات والرغبات بعيداً عن المولى تبارك اسمه مستغرقاً بحب الذات غارقاً بالغفلة عن الساحة القدسية، متورطاً بالذنوب والمعاصي.
أبواب النجاة مفتوحة
إنّ من عظيم رحمة الله، أن جعل تعامله سبحانه وتعالى مع عباده المخطئين أبعد ما يكون عن الثأر والانتقام، بل على نحو الاستنقاذ والإصلاح، واستعادة الإنسان إلى الطريق القويم، وإبعاده عن النتائج الوخيمة لأفعاله المنحرفة.
الطريق الأول: لذلك فتح الله أمام الإنسان أبواب التوبة على مصراعيها، حتى آخر نفس من حياته. ورد عن النبي أنه قال: “إنّ الله عزّ وجلّ ليقبل توبة العبد ما لم يغرغر”، أي إنه تعالى يقبل التوبة عن العبد حتى اللحظات الأخيرة من حياته. قال تعالى: ﴿وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ﴾[سورة الشورى، الآية: 25]، إنه يدعوهم بكلّ تحنّن ولطف إلى العودة إلى جادة الصواب، مهما بلغت ذنوبهم ومعاصيهم.
-قال سماحة المرجع اليعقوبي: (وقد حث قادة الإسلام على أن يحاسب الإنسان نفسه كل ليلة حتى ورد في بعض أحاديث المعصومين (عليهم السلام) (ليس منّا من لم يحاسب نفسه كل ليلة)، ولو التزم الناس بهذا لتمكنوا من تقليل ظلمهم وانحرافهم كثيراً، وعلى أي حال فلما لم يلتزموا بذلك، فلنجعل المراجعة والتقييم ومحاسبة الذات في السنة مرة على الأقل.
وليكن ذلك اليوم هو يوم عرفة التاسع من ذي الحجة فهو اليوم الذي تحتشد فيه ملايين الناس على صعيد واحد من مختلف بلدان العالم لا فرق فيهم بين رئيس ومرؤوس أو غني وفقير أو أسود أو أبيض أو شرقي أو غربي فالكل سواسية متجهون إلى ربهم الواحد، يتضرعون ويجأرون إليه بشتى الألسنة وصنوف اللغات معلنين أمامه التوبة وطالبين منه الصفح عما مضى، وأن يفتح لهم صحيفة بيضاء جديدة ويعينهم على ملئها بأعمال الخير والإحسان.
ويشير الإمام الحسين (عليه السلام) إلى (عالمية) هذا اليوم في دعائه المبارك ليوم عرفة ومما جاء فيه (فإليك عجّت الأصوات بصنوف اللغات) فهو يوم ليس خاصاً بالمسلمين، وإنما لكل البشر لكي يتوبوا إلى الله تبارك وتعالى ويعودوا إليه والله غني عنهم وإنما ينفعون أنفسهم بهذه العودة، ويخلّصوا أنفسهم من الشقاء والنكد وضيق المعيشة التي يعيشونها بسبب ابتعادهم عن الله تبارك وتعالى {وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيراً قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنسَى}طه 124-126.
في يوم عرفة تتجلى مدى عظمة الخالق سبحانه، على نحو لا يتسنى للإنسان تجاهلها، فلربما تطغى الغفلة على الإنسان، وتسيطر عليه الشهوة، وقد تجرفه أمواج المادة، لكنه حين يعود إلى وجدانه، وأعماق ضميره، الله حاضراً عنده. فإنه يجد وفي هذا اليوم، ترفع الأكف، وتشخص الأبصار، شوقاً إلى رحمة الله، ورجاء لمغفرته ورضوانه، والله سبحانه وتعالى أعظم وأسمى من أن يرد هذه الدموع، ويخيب هذه المشاعر.
وفي هذا الشأن نستحضر كلمة الإمام محمد الباقر حين قال: «إن من أعظم الناس ذنبا من وقف بعرفات ثم ظن أن الله لم يغفر له»، ذلك أن العبد متى ما كان صادقاً ومتوجهاً إلى ربه، بكل وجدانه وجوارحه، فإن الله سبحانه يستجيب له بلطفه وكرمه”.
لتصلك آخر الأخبار تابعنا على قناتنا في موقع التلغرام: النعيم نيوز
ولمتابعتنا على موقع فيسبوك يرجى الضغط أيضا على الرابط التالي: النعيم نيوز
كما يمكنك الاشتراك أيضا على قناتنا في منصة يوتيوب لمتابعة برامجنا على: قناة النعيم الفضائية
ولا تنسى أيضا الاشتراك في قناتنا على موقع الانستغرام: النعيم نيوز