أقيمت صلاة الجمعة في مسجد الامام الحسن المجتبى (ع) في خانقين
أقيمت صلاة الجمعة المباركة في مسجد وحسينية الامام الحسن المجتبى (ع) في خانقين – منطقة علي مراد بإمامة سماحة الشيخ (حسين_المندلاوي) وحضور جمع مبارك من المؤمنين .
عنوان الخطبة ( رسول الله محمد القدوة والأسوة والسعي لولادة الأمة الموحدة )
و في ذكرى مولد رسول الله(ص) ننفتح على النبوّة في حركة الزّمن كلّه من بعد رسول الله(ص)، ونعيش آفاقها الواسعة الَّتي تريد للإنسان أن يرتفع، ويسمو، ويصفو، وينمو، وينطلق من أجل أن يحوّل الحياة كلّها إلى حياة تتنفَّس الرّوح والرّيحان، وتحيا قيم الحقّ والعدل، والقيم الَّتي يكتشف فيها الإنسان إنسانيّته، فهي نبوّة تختصر نفسها في أن تؤنسن الإنسان، وتعمّق له إحساسه بإنسانيّته في عقله، فيكون عقله إنسانيّاً في حركة الفكر، وفي قلبه، فيكون إنسانيّاً في حركة العاطفة، وتفتح له إنسانيّته في حركته، لتكون حركةً في خطّ الوصول إلى أهدافه الكبرى في الدّنيا والآخرة.
الانفتاح على الواقع كلّه
في مولد النّبيّ(ص)، نريد أن نولد كأمَّة، حتى تنفتح على مواقعها كلّها، لتتحسَّس مسؤوليّتها في قضاياها الحيويّة، ولتكون كما أرادها الله، خير أمَّة أخرجت للنَّاس. فالمسألة لا تتصل بقوميَّة الأمَّة، ولا بعدد أفرادها، لكنَّها تتّصل برسالتها: {كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ}.
وإذا فهمنا أنَّ المعروف هو كلّ عمل يرضاه الله ويحبّه، ويرفع مستوى الإنسان، والمنكر هو كلّ عمل لا يرضاه الله ولا يحبّه، وينزل بمستوى الإنسان، عرفنا معنى أن تكون الأمّة خير أمّة أخرجت للناس، لأنَّ الأمّة الَّتي تحمل الرّسالة للإنسان كلّه وللحياة كلّها، ولا تحدّد حركتها في دائرة ضيّقة، هي أمّة لا بدّ من أن تكون خير الأمم.
ونحتاج إلى ولادة جديدة، لأنّنا نعيش موتاً في السّياسة، وموتاً في الاقتصاد، وموتاً في الاجتماع، وموتاً في الأمن، فنحن المستضعفون الَّذين يعملون على أن يعمّقوا استضعافهم، ويعملون على أساس أن ينظّروا لهزائمهم، وأن يعملوا على أن لا يكونوا أقوياء، لأنهم يخافون ذلك، فالقوّة مكلفة، أمّا الضّعف، فقد يخلق عذراً من منطلق: {لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا}. ولكنَّ القوَّة تتحدَّاك لتقول لك، إنَّ عليك أن تواجه الأقوياء، وإنَّ عليك أن تضرب الأقوياء في مواقع ضعفهم أوّلاً، ثم تكتسب من ذلك قوّة جديدة، لتضربهم في مواقع قوّتهم ثانياً.. ونعني بالأقوياء المستكبرين، أمَّا الأقوياء الطيّبون، فإنّك تتعاون معهم على أساس تعاون القويّ مع القويّ.
لقد فقدنا ـ أيّها الأحبّة ـ أمام تاريخ التخلّف كلّه، وحركة الجهل فينا، الكثير من الإحساس بحاجاتنا إلى أن نكون شيئاً حيويّاً في الكون، وأصبح جزءاً من واقعنا الَّذي نعيش فيه، أن جعلنا الجهل مقدَّساً، وبذلك رجمنا العلم بالحجارة، لأنّه يقف ضدَّ ما سمّيناه المقدّسات، وجعلنا التخلّف حضارة، ولذلك، رجمنا الحضارة بكلمات الكفر والضَّلال وما إلى ذلك، وبهذا، نكون قد قلبنا المفاهيم، فأصبح الإنسان يعيش سجين ذاته، ولا ينفتح على الآخر والواقع كلّه.
الصَّادق الأمين
لذلك، جاء رسول الله(ص) إلى ذلك الواقع الغارق في الضَّلال، ليخرجه من الظّلمات إلى النّور، وهذا ما ذكره الله تعالى في (سورة الجمعة): {هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ}. فلقد كان الضَّلال في المفاهيم، وفي العقيدة، وفي العبادة، وفي العلاقات، وفي المفردات الأخرى الَّتي كان يعيشها النّاس في الجاهليّة.
وجاء رسول الله(ص) بعد أربعين سنة من ولادته، وبعد أن أكمل الله له عقله وقلبه وروحه ووعيه، وجعله الإنسان المعصوم الَّذي يحمل الرّسالة بعمقها وحيويّتها وإنسانيّتها وحكمتها وامتدادها كلّه، في عقله وقلبه وروحه… جاء(ص) إلى النبوَّة إنساناً تتمثّل فيه معاني الإنسان كلّها، وبدأ الله سبحانه وتعالى بعد ما بعثه رسولاً، يعلّمه التّفاصيل، فلقد ألهمه أوّلاً الخطوط العامَّة، وربّاه على معنى الرّوح في امتداداته إلى الله والنّاس والحياة، فكان روحاً تتجسَّد.
وكان(ص) الصّادق الأمين، وكان الناس يرون فيه الصّدق كأفضل ما يكون الصّدق، والأمانة كأفضل ما تكون الأمانة، حتى غلب ذلك على اسمه، فكانوا يقولون جاء الصَّادق الأمين. والسّؤال الَّذي يطرح هنا: لماذا أراد الله له أن يكون صدقاً كلّه، وأمانة كلّه، لأنَّ الصّدق والأمانة تجمعان الرّسالة كلّها، فالصّدق يمثّل الانفتاح على الحقّ، لأنَّ الكذب باطل، ومن هنا، فمن يكون صادقاً، لا يمكن أن يكذب على الله، ولا على النّاس، ولا على الحياة.
احمد خانقين:
ولذلك، كان(ص) صادق العقل، فلا يتحرّك عقله إلا في مواضع الصّدق، وكان صادق القلب، فلا ينفتح إلا على صدق العاطفة المعمّقة الّتي ترتكز على أساس، وكان صادق الموقف والكلمة. وفي ذلك كلّه، كان صادق الدّعوة والرّسالة.
أمّا الأمانة، فأن يكون الرَّسول أميناً، يعني أن يكون أميناً على رسالة الله، وعلى مسؤوليَّته في الدّعوة إلى الله، وفي رعاية شؤون النّاس وأمورهم كلّها، وأن يكون أميناً على الحياة كلّها.
وخلاصة التَّشريع الإسلاميّ، هي أنَّ الله أراد في كلّ حكم شرعيّ، أن يمثّل الإنسان الأمانة على نفسه، فلا يبتعد عمّا يصلحها، ولا يقترب بها مما يفسدها، وأن يكون أميناً على الناس، فلا يحكم عليهم إلا بالعدل، ولا يتحرّك معهم إلا بالحقّ، وأن يكون أميناً على الحياة ليرفعها، وليفتح آفاقها على كلّ خير.
القرآن: الكتاب المعجزة
ولقد عرَّفنا الله تعالى في كتابه الكريم، أنَّ النبيّ(ص) كان لا يعرف التّفاصيل، كما في قوله تعالى: {وَمَا كُنتَ تَتْلُو مِن قَبْلِهِ مِن كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذاً لَّارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ}. فأنت ـ أيّها الرّسول ـ لم تقرأ كتاباً لتكون ثقافتك من الكتاب، ولم تكتب كتاباً لتنقل ما تريده من هذا المصدر وذاك المرجع، بل جئت بأعظم ما قرأه النّاس من كتاب، وبأوسع ما عرفوه من شريعة، ولذلك، كانت معجزة النّبي(ص) الأولى هي الإسلام والرّسالة الَّتي امتلأ بها عقله وقلبه، وتحركت في حياته كلّها، وقد كان الأمّيّ لا عن جهل، بل عن حكمة إلهيّة في ذلك.
وقال الله تعالى عنه: {وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحاً مِّنْ أَمْرِنَا مَا كُنتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ} في تفاصيله كلّها، {وَلَا الْإِيمَانُ} بمفرداته كلّها، {وَلَكِن جَعَلْنَاهُ نُوراً نَّهْدِي بِهِ مَنْ نَّشَاء مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ}.
وكان(ص) يخاطب قومه، وهم الشّهود على تاريخه كلّه، فيقول: {قُل لَّوْ شَاء اللّهُ مَا تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَلاَ أَدْرَاكُم بِهِ}، فقد تلوته عليكم، لأنَّ الله شاء ذلك، بما أوحى به إليَّ، وقد عرفتموه، لأنَّ الله أراد أن يدريكم به، والشَّاهد هنا: {فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُراً مِّن قَبْلِهِ}، ولم تسمعوا مني آية، ولم تعرفوا مني مضمونها، لأنَّ الله تعالى لم يأذن بذلك، ولم يكن قد عرّفني بذلك بعد، {أَفَلاَ تَعْقِلُونَ}.
ونستطيع ـ أيها الأحبّة ـ أن نستدلّ تأريخاً بهذه الآيات الّتي تلاها الرّسول(ص)، على النّاس الّذين عايشوه، ولم يرتفع منهم صوت واحد ليقول: لقد رأيناك تكتب. ولذلك، فإنّ هناك حجة تأريخيّة على مضمون هذه الآيات، إضافةً إلى حجّة ما نعتقده من أنَّ القرآن هو كلام الله الّذي لا يأتيه باطل من بين يديه ولا من خلفه.
ولذلك، سقطت كلمتهم الَّتي ذكرها القرآن: {وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِّسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَـذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُّبِينٌ}. وقولهم في القرآن: {وَقَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلاً}. لقد سقطت كلماتهم تلك، لأنهم كانوا يعرفون أنَّ هذه المقولة أو تلك، لا تنطلق من واقع تأريخيّ، لأنَّ تأريخ الرّسول قبل البعثة، كان خلاف ما يقولون.
الأسوة والقدوة الحسنة
وإذا تذكّرنا رسول الله(ص)، فإن علينا أن نتذكّر سيرته في أخلاقه وأسلوبه في الحياة، وقد أراد الله تعالى منّا أن نقدّم رسول الله (ص) في حياتنا ليكون القدوة بعد أن كان في دعوته الرسالة: {لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيراً}، وإذا أردنا أن نعبّر عن حبنا لله، فإن حبنا له سبحانه يفرض علينا اتّباع رسول الله (ص) في كلماته وسيرته: {قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله}.
وقد مدح الله تعالى رسوله (ص) بالخُلُق العظيم كما لم يمدحه في أيّ صفة من صفات الكمال في شخصيته، وكل صفاته صفات كمال: {وإنك لعلى خلق عظيم}، لأنّ الله تعالى يريد للإنسان في هذه الحياة أن يعيش أخلاقيته كقيمة يحملها في فكره وقلبه وحياته، لأن الأخلاق تمثّل عمق إنسانيتك، فأنت عندما تكون إنسان الأخلاق فلن تكون أنانياً، بل تحبّ لأخيك ما تحبُّ لنفسك وتكره له ما تكره لها، لأنّ صاحب الأخلاق لا يعيش في زنزانة نفسه، فالأخلاق لا تنحصر في جانب دون جانب، فإذا كنت تؤمن بالخير كقيمة أخلاقية، فإنّ الخير حقك في معاملات الناس معك، كما هو حق الناس في معاملتك معهم، أن تكون إنسان الأخلاق في نفسك، فلا تتحرك في حياتك الفردية إلا بما يؤكد القيمة الأخلاقية، وإذا كنت تتحرك في بيتك فإن عليك أن تحترم إنسانية الذين تتحمّل المسؤولية العائلية تجاههم، أن لا تكون في بيتك الإنسان الذي يعتبر أنه هو الشخص الذي يحترمه أهل البيت وليس عليه أن يحترم الذين معه من أطفال ونساء وشيوخ، لأن الإنسان صاحب الأخلاق هو الذي تنطلق أخلاقيته كما ينطلق الماء
من الينابيع
بشكل عفوي لا بشكل متكلّف.
وهكذا نجد أنّ الله تعالى وصف رسوله (ص) في تعامله مع الناس وانفتاحه عليهم، وكيف كانت مشاعره تجاههم، كيف كان سلوكه معهم، ونظرته إليهم، وهو سيد الخلق الذي رفع الله درجته بما يميّزه عن الناس. لقد كان النبي(ص) يعيش مع الناس بإنسانية صافية منفتحة، يفكر في كل آلامهم وقضاياهم ومشاكلهم ومتاعبهم، كان(ص) يحضن الناس الذين يعيش معهم بروحه وجهده وبكل ما يملك من طاقة: {لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتّم حريص عليكم ـ يحرص عليكم حتى لا تقعوا في الجهل، ولا تتمزقوا وتتفرقوا، يحرص عليكم ليربيكم ويحوّلكم إلى مجتمع يتكامل ويتعاون وينفتح بعضه على بعض ـ بالمؤمنين، رؤوف رحيم}، خُلقه الرأفة بالمؤمنين فلا يقسو عليهم ولا يسقطهم، بل يرحم ظروفهم وأفكارهم وأخطاءهم وكل أوضاعهم في الحياة.
كان النبي (ص) منفتح القلب، كان صاحب القلب الرقيق اللين الواسع، وكان لسانه اللسان اللين الذي لا يصدر منه إلا الكلمة الطيبة الحانية الرحيمة التي تتحرك من أجل أن تفتح قلوب الناس على الله وعلى الحق: {فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك}. وكأن الله تعالى يريد أن يقول لنا جميعاً ـ وهو يريدنا أن نقتدي برسول الله (ص) في أخلاقه ـ إنّ رسولكم كان يحمل القلب المفتوح على الناس كلهم، القلب الذي ينبض بالمحبة لمن حوله، والذي يخفق بالخير للناس الذين يعيشون معه، فكونوا القلوب الطيبة الواسعة التي لا تضيق بأحد ولا تتعقّد من أحد ولا تحقد على أحد، ولقد كان رسولكم ـ أيها الناس ـ لين الكلمة ودافئ اللسان، كان لا يسب ولا يفحش في كلامه، وكان لا يؤذي الناس في ما يصدر عنه من كلمات، كان رحمةً للناس في كل كلماته، كلمته الرأفة والرحمة، والتي كان إذا سمعها الناس ـ في بيته ومسجده ـ كانوا يشعرون بالأمن والطمأنينة.
محاسبة القيادات
كما أنَّ علينا ـ أيّها الأحبَّة ـ أن نتعلّم كيف نحاسب القيادات على أعمالها كلّها، فالقائد لا يملك نفسه في أيِّ موقع من مواقع القيادة، سواء كانت القيادة دينيّة، أو سياسيّة، أو اجتماعيّة، أو أمنيّة، فالقيادة مسؤولة أمام النّاس الّذين تقودهم، بعد أن تكون مسؤولةً أمام الله تعالى، ومن حقّ الناس أن يسألوها عن تصرّفاتها ومواقفها كلّها، فهي ـ أي القيادة ـ ليست امتيازاً شخصيّاً للقائد، ولا تشريفاً له، ولا موقعاً اجتماعيّاً ينفتح به، ولكنّها مسؤولة أمام النّاس، وعليه أن يقدِّم حسابه للناس. ونتعلّم ذلك من الآيات والأحاديث الّتي تريدنا أن نتحدَّث بصراحة مع القيادة، أية قيادة، صغيرةً كانت أو كبيرة، والله تعالى يحدِّثنا كيف أنَّ بعض القيادات تخدع الناس في البداية، فإذا وصلت إلى ما تريد من خلال التفاف الناس حولها، نسيت ذلك كلّه، {وَمِنَ النَّاسِ مَن يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ * وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيِهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الفَسَادَ * وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالإِثْمِ}. إنَّ الطاغية يقول: من أنتم حتى تقولوا لي اتّق الله، فأنا الَّذي أعظ الناس، فكيف تعظونني؟!
إنَّ كثيراً من القادة يرى نفسه فوق أن يوعظ، وأعظم من أن ينصح، أو يناقَش، أو يحاوَر، لأنّه يعتبر أنَّ كلمته هي الكلمة العليا الَّتي لا كلمة فوقها، {فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ}.
أساليب مواجهة الضَّلال
أيّها الأحبَّة، ولد النّبيّ(ص) في مرحلة كان الضَّلال فيها يغمر الواقع كلّه، ونحن الآن نعيش في عصرٍ ينفتح فيه الضَّلال المثقَّف، والكفر المثقّف، والاستكبار المثقَّف، على الواقع، ليحارب الإسلام والمسلمين في ثقافتهم، لذلك، نحتاج إلى إيمان مثقَّف، وحركة مثقَّفة، ووعي مثقّف، ونحتاج إلى أن نواجه الثّقافة بثقافة، والقوَّة بقوّة، والخطّة بخطّة، فكم نحن في العدد!؟ نحن نمثّل الآن أكثر من خمس العالم كمسلمين، ولكن اليهود الذين لا يزيد عددهم عن عشرين مليوناً في العالم، استطاعوا أن يهزموا المليار مسلم ونيّفاً، لأنهم استنفروا قوّتهم كلّها، فأصبح الكيان الصّهيونيّ قضيّة كلّ يهودي. أمّا المسلمون، فقد ابتعدوا عن كلّ معنى فلسطين، وعندما بدأ الزّمن يتقدَّم في مداه في التّأريخ، ويتأخَّر في مداه في القضايا، أصبحت القضيَّة ليست أن (نحرّر) فلسطين، بل كيف (نتحرَّر) من فلسطين.
المعنى الحقيقيّ للمولد
أيّها الأحبَّة، أصبحنا نفكّر كأفراد، ولا نفكّر كأمّة، ونعمل على أن يقول كلّ واحد منا: اللّهمّ استر عليّ وعلى عياليّ، ومالنا والدّخول بين السّلاطين.. والله تعالى يقول: {وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}.
ويقول: {وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ}، {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ}. ونحن بحاجة إلى أن نصبر على كثير من البلاء السياسيّ والاقتصاديّ والأمنيّ والاجتماعيّ، أن نصبر صبر العاملين الذين يخطّطون، ويحاولون أن ينفّذوا الخطّة على مراحل.
القوم يخطّطون، وعلينا أن نخطّط، والقوم يفكّرون، وعلينا أن نفكّر، وأن نعيش كأمّة تهتمّ بقضاياها كلّها: “من أصبح لا يهتمّ بأمور المسلمين فليس منهم، ومن سمع رجلاً ينادي يا للمسلمين فلم يجبه، فليس بمسلم”.
أيّها الأحبَّة، في مولد الرّسول(ص)، علينا أن نولد كأمّة، حتى نستطيع أن نقف بين الأمم في العالم، وذلك هو معنى ذكرى المولد، فهو ليس أهازيج، ولا أناشيد، ولا موالد فقط. إنّنا ـ للأسف ـ مشغولون بالسَّطح، فيما العمق يفترس واقعنا كلّه.
“إن الله وملائكته يصلّون على النبي، يا أيها الذين آمنوا صلّوا عليه وسلموا تسليما”.
لتصلك آخر الأخبار تابعنا على قناتنا في موقع التلغرام: النعيم نيوز
و لمتابعتنا على موقع فيسبوك يرجى الضغط أيضا على الرابط التالي: النعيم نيوز
كما يمكنك الاشتراك أيضا على قناتنا في منصة يوتيوب لمتابعة برامجنا على: قناة النعيم الفضائية
و لا تنسى أيضا الاشتراك في قناتنا على موقع الانستغرام: النعيم نيوز