كتب حميد حلمي زاده.. في الذكرى الخامسة والأربعين لإعلان يوم القدس العالمي من قبل الإمام الخميني (قدس سره) نستحضر مواقف زعيم الثورة الإسلاميه المعاصره التي عززت القناعة في نفوس أبناء الأمة الإسلامية بجدوى الجهاد المسلح لطرد الكيان الصهيوني الفاشي من ارض فلسطين بل من قلب العالم الإسلامي كله.
لقد أظهرت بطولات الشعب الفلسطيني وتضحياته العظيمة في غزة أن إمكانية تحقيق النصر على إسرائيل غدت متاحة مائة في المئة بعد عقود من التخاذل والانهزام والتطبيع التي سادت المنطقة نتيجة لانحسار عنصري المقاومة والتصدي بوجه التحالف الصهيوني الغربي، وهو ما الحق خسائر مادية ومعنوية هائلة بالأمة ومكانتها وهيبتها في المسرح الدولي
لكن الأكثر أهمية هو أن الفضيحة التي منيت بها إسرائيل المتغطرسة طوال تاريخها على خلفية هزيمتها أمام المقاومين الفلسطينيين الأبطال وهم على ما هم عليه من قلة في العدد والعدة خلال معركة طوفان الأقصى أعطت شعورا عارما لدى أبناء الأمة العربية والإسلامية بأنهم باتوا أقرب بكثير من تحقيق الفتح المبين شريطة التضامن والتكاتف على مبدأ مكافحة الصهيونية الغاشمة وتحطيم جدار الخوف المصطنع من هذه الغدة السرطانية التي أوهمت العالم أجمع بأنها صاحبة السطوة واليد الطولى في منطقة الشرق الأوسط والعالم الاسلامي.
في حين أن المقاومة البطلة في غزة ولبنان وأنصارها زلزلت قواعد إسرائيل الهشة وجعلتها تلعن اليوم الذي تورطت فيه عبر ناجزة هؤلاء المجاهدون المؤمنون.
من الواضح أن هذا التحول الجهادي العظيم إنما يستند إلى مدى تنامي شعور الأمة الإسلامية بالمسؤولية الملقاة على عاتقها وصولا إلى صيانة مقدراتها ومصالحها ومبادئها اعتمادا على البذل والتضحية والزحف بدلا من النكوص والانصياع والتراجع، وهي المفردات التي جرت الويلات والهزائم عليها طيلة حوالي ١٠٠ عام من تاريخ الصراع مع الاستكبار السهيو غربي.
إن المسلمين بحاجة اليوم إلى إدراك واقعهم الضعيف إدراكا عميقا يدفعهم إلى تغيير ظروفهم المجمدة والمحنطة بتأثير السياسات الرسمية الخانعة… إنهم مدعوون إلى تجاوز حالتهم المعيبة جدا من خلال إرادة مشتركة صادقة دون الرضوخ لضغوط القوى الكبرى ودون البقاء فريسة للشكوك والريب أو الاستقواء بأمريكا وحليفاتها أو الارتماء في حضن الكيان الصهيوني الغاصب.
وأمام هذا الواقع لطالما أهاب صاحب ذكرى يوم القدس العالمي الإمام الخميني بالأمة الإسلامية إلى اتخاذ وقفة شجاعة وجريئة لكسر القيود وإزاحة العقبات التي تعطل إراداتهم وتستخف بعقولهم وتستقوي بالأجنبي الذي يعيث فسادا في بلدانهم ويذيقهم الهوان ويضرب بعضهم بالبعض الآخر، فالإمام الخميني كان يعتبر زرع إسرائيل في المنطقة واستمرار كيانها المجرم في عدوانه واحتلاله الأراضي الإسلامية إساءة واضحة وإذلالا مهينا للمسلمين والفلسطينيين والدول العربية كافة (قائلا) بان الحل الوحيد لمواجهة هذه الحالة المؤلمة هو تلاحم الأمة الإسلامية وتضافرها، وإزاء ذلك نراه قد بادر وفي سبيل تحقيق هذا الهدف إلى تسمية الجمعة الأخيرة من شهر رمضان المبارك ب (يوم القدس العالمي) في رمضان عام 1979 أي في نفس العام الذي انتصرت فيه الثورة الإسلامية المباركة في ايران.
لقد برهنت وقائع معركة طوفان الأقصى بين المقاومة الفلسطينية الباسلة والعدو الصهيوني أن “إسرائيل” نمر من ورق وهي لا تمثل شيئا في المعايير العسكرية والاستراتيجية، وقد رأينا كيف هرع الأمريكيون والأوروبيون وحلفاؤهم إلى نجدة الجيش الإسرائيلي المترنح تحت ضربات المقاومة المؤمنة وهو ما يعني بوضوح أن الأمة الإسلامية ستكون يوما ما في مواجهة المصالح الاستكبارية الكبرى في العالم الأمر الذي يتطلب تعبئة جماهيرية شاملة عربية إسلامية يمكن للقوى التحررية الانضمام إليها لتتشكل بذلك قوة عالمية لا تخشى الهيمنة والظلم والاستبداد.
ولا شك في أن تنبؤات سماحة قائد الثورة الإسلامية الإمام السيد علي الخامنئي لدى استقباله قيادتي حركتي حماس والجهاد الإسلامي في طهران بعيد الهدنة ووقف إطلاق النار بأن (النصر في غزه وفلسطين آت وقادم لا محالة)، هي تنبؤات منطقية حقيقية أثبتتها انتصارات المقاومين الفلسطينيين المدعومة بقوى الخير والعدل والإنصاف في هذه المنطقة الحيوية من العالم.
وبما ان مراسم يوم القدس العالمي تعتمد على رصيدها المصيري وهو الشعوب والاحرار والشرفاء في انحاء الارض، فانه يصدق القول ان الظروف اصبحت مؤاتية الان اكثر من اي وقت مضى لا نزال اهداف هذا اليوم العالمي الى ارض الواقع لان المجتمع الدولي والرأي العام العالمي يقف الآن كليا الى جانب الشعب الفلسطيني وحقوقه في تحرير ارضه واقامة دولته وعاصمتها القدس الشريف…