1. تضمن التعديل الحكومي المقدم حول قانون العفو العام تعريف الانتماء للتنظيمات الإرهابية (كل من عمل في التنظيمات الإرهابية أو قام بتجنيد العناصر لها أو قام بأعمال إجرامية أو ساعد بأي شكل من الأشكال على تنفيذ عمل إرهابي أو وجد اسمه في سجلات التنظيمات الإرهابية).
2. وهذا يعني أن مشروع القانون سيطلق سراح كل من انضم عمداً بأي عنوان كان إلى التنظيمات الإرهابية حتى لو كان مفتياً لهم، مادام لم يوجد اسمه في سجلات تلك التنظيمات خصوصاً وأن التعريف اقتصر في تجريم تقديم المساعدة على ما إذا أدّت تلك المساعدة إلى تنفيذ الأعمال الإرهابية، وكذلك علّقت حكم التجريم على تجنيد العناصر الإرهابية دون ما إذا كان نشاط الفرد المتهم هو التشجيع على الانتماء للجماعات الإرهابية والترويج لأفكارها كمقدمة تشجع على الانتماء لها).
3. الملاحظ على تعريف القانون المرسل من الحكومة أنه يعرّف الانتماء بارتكاب الأفعال الإجرامية وليس مجرد الانضمام، وهذا خلط بين الانتماء وبين ممارسة الأفعال الإرهابية وتنفيذها.
4. أقرّ البرلمان العراقي قانون العفو العام وتم نشره وسريانه بتاريخ (٢٠١٦/٩/٢٧). وقد تضمن حينها العفو عن الشخص الذي يقوم بإيواء المحكومين أو المتهمين بجرائم إرهابية إذا كان المحكوم أو المتهم زوجاً أو قريباً من الدرجة الأولى.
5. شمل قانون العفو العام السابق الأفراد الذين انتموا لتنظيم “داعش” ولكنهم لم يساهموا بجريمة إرهابية بالمساعدة أو التحريض أو الاتفاق .. وهذه المادة كانت فضفاضة قد تم استغلالها لإطلاق سراح مجرمين بمبرر عدم مساهمتهم الفعلية بالجرائم الإرهابية بإحدى أشكال المساهمة المذكورة أعلاه.
6. بل إن القانون العفو السابق المشار إليه منح حق طلب إعادة المحاكمة والتدقيق في الأحكام الصادرة بحق المحكومين بقضايا الإرهاب لمن ادعى انتزاع اعترافه بالإكراه أو اتخذت الإجراءات القانونية بحقه بناءً على أقوال مخبر سري أو وفق اعتراف متهم آخر، وحتى إعادة التحقيق معهم!.
7. سمح قانون العفو السابق باستلام طلبات إعادة المحاكمة للمحكومين بالجرائم الإرهابيين لمدة سنة من تاريخ صدور التعليمات .. وهذا يعني استمرار استلام طلبات إعادة المحاكمة لغاية شهر تشرين الأول / ٢٠١٧، ومن المعلوم أن معارك تحرير الأراضي العراقية من سيطرة تنظيم داعش الإرهابي استكملت في شهر تموز /٢٠١٧، بمعنى أن فرصة إعادة المحاكمة للمحكومين بجرائم إرهابية امتدت لأكثر من ثلاثة أشهر بعد إكمال العمليات العسكرية لتحرير الأراضي العراقية من داعش .. فلو فرضنا وجود مظالم في أثناء الحرب على داعش فإن قانون العفو العام المذكور قد منحهم فرصة طلب إعادة المحاكمة، خصوصاً وأن عمل اللجنة المعنية بالنظر في طلبات إعادة المحاكمة تستمر بعملها لغاية شهر تشرين الأول /٢٠١٨.
8. فلماذا يتم تشريع قانون العفو العام الجديد أو تعديله، ومن هم المشمولون به إذا كانت فترة سريان قانون العفو السايق وانتفاع المحكومين والمتهمين بجرائم الإرهاب منه قد امتدت لفترة ما بعد الحرب ضد داعش بعدة أشهر!؟ فهل المقصود العفو عن الأفراد الذين انتموا إلى تنظيم داعش بعد فترة الحرب على داعش؟ وهل أمثال هؤلاء يصدق عليهم أنهم أبرياء أو مغرر بهم بعد كل جرائم داعش وأفعاله الوحشية ضد ضحايا سبايكر وتدمير المحافظات الغربية، وسبي النساء وعمليات الإعدام الجماعي التي نفذها داعش ضد المدنيين الأبرياء من الشيعة والسنة .. ومجزرة آلبو نمر التي ذهب صحيتها أكثر من (٤٠٠) مدني شاهد واضح أن مجرد الانتماء له يعدّ جريمة.
9. ومن المخاطر الإضافية المترتبة على هذا التعديل أنه سيفتح مجالاً واسعاً لإضافة مقترحات جديدة كما حصل في نقاشات قانون العفو العام لسنة (٢٠١٦) فأضيفت مواد وسعت من عناوين المشمولين بالعفو أو أنها استبدلت مدة محكوميتهم بدفع غرامية مالية إذا كانوا قد أمضوا ثلث مدة محكوميتهم، وشملت حتى المتاجرين بالمخدرات، والمتورطين بجريمة تهريب المسجونين والمتورطين بجريمة إيواء المحكومين أو المتهمين بجرائم إرهابية! وامتدت يد العابثين لتوسع عنوانين المشمولين بقانون العفو العام إلى المتورطين بسرقة أموال الدولة إذا سدّد ما بذمته من أموال!!.
فسيكون عرض مشروع تعديل قانون العفو العام (وإن تضمن مادة واحدة) منفذاً لكل هذه المقترحات الخطيرة.
10. مع كل هذه المخاطر والثغرات فإن الموقف الصحيح يتطلب أن يتم رفض مشروع قانون تعديل العفو العام من الناحية المبدئية وإسقاطه في البرلمان.
11. مما تقدم تبين أن قانون العفو العام السابق لسنة (٢٠١٦) والممتد سريانه الفعلي لغاية تشرين الأول/٢٠١٧، قد منح فرص واسعة حتى للمجرمين والإرهابيين لاستغلال منافذ وثغرات الصياغات والآليات المعتمدة في القانون، والحصول على إخلاء سبيلهم وإطلاق سراحهم !! فما هو المبرر لتشريع قانون جديد للعفو العام أو إجراء تعديل عليه!؟.
متابع لشؤون البرلمان