أخبارمقالات
أخر الأخبار

زيارة السوداني.. التوقيت والأهداف الاستراتيجيَّة

كتب د. مجاشع التميمي: أجواء باردة، واستقبال حار، كما وصفها السفير البريطاني في العراق، ويمكن أن تضاف لها “ملفات ساخنة”، لوصف ملخص لزيارة رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني، إلى المملكة المتحدة.

بريطانيا، العضو الدائم في مجلس الأمن وفي حلف الناتو ومجموعة السبع ومجموعة العشرين ورئيس دول الكومنولث، تدرك أهمية العراق بالنسبة للشرق الأوسط والعالم، ولذلك لم تغب عنه منذ تعيين أول قنصل لها في بغداد عام 1808.

فالعراق، وفق رؤية وسياسة بريطانيا، ليس فقط نقطة تلاقي بين قارات العالم، بل هو أيضاً مفتاح لفهم العديد من القضايا الإقليمية في المنطقة التي تقف على مفترق طرق، بعد أحداث طوفان الأقصى، التي انتهت بتغيير النظام في سوريا.

زيارة السيد السوداني إلى بريطانيا تكتسب أهمية استثنائية لاسيما في جانبها الاقتصادي، حيث يعاني الاقتصاد البريطاني من الركود، بينما يمتلك العراق إمكانيات استثمارية هائلة.

طرح السوداني العديد من الملفات الاقتصادية الهامة، أبرزها تعزيز التعاون مع الشركات البريطانية في مشاريع نفطية ضخمة، مثل إعادة تأهيل حقول النفط الشمالية وبناء بنية تحتية لصناعة النفط.

كما يطمح العراق إلى إعادة تأهيل أنبوب النفط العراقي-السوري الذي أنشأته شركة “بريتيش بتروليوم” في عام 1952، خاصة بعد التغيرات السياسية في سوريا، مما يفتح المجال لاستئناف هذا المشروع الذي يعد خياراً اقتصادياً مثالياً، ويعزز علاقات العراق مع سوريا.

التعاون الاقتصادي بين العراق وبريطانيا يعكس ثقة متبادلة ورغبة في بناء شراكات استراتيجية طويلة الأمد، هذه الاتفاقية تعد ذات أهمية بالغة لكلا البلدين، إذ تتيح للعراق استثمار الفرص الاقتصادية الضخمة المتاحة، بينما تمنح بريطانيا فرصة لتعزيز استثماراتها واستعادة بعض قوتها الاقتصادية في ظل الركود الاقتصادي والعجز المالي، الذي يقدر بحوالي 100 مليار دولار، بجانب تحديات التضخم وضعف الاستثمار.

زيارة رئيس الوزراء السوداني، تكتسب أهمية إضافية في ضوء التغيرات السياسية العالمية، خاصة مع قدوم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وما قد يترتب على ذلك من تأثيرات في التوازنات السياسية والاقتصادية الدولية.

المملكة المتحدة تلعب دوراً محورياً ليس فقط في العلاقات الأوروبية، ولكن أيضاً في التأثير على السياسات الأمريكية، مما يجعل التعاون مع العراق خطوة استراتيجية تسهم في تعزيز العلاقات الثنائية، وتنمية الاقتصاد في كلا البلدين.

على المستوى الأمني، تؤكد بريطانيا باستمرار أهمية احترام سيادة العراق ووحدة أراضيه، وتعزيز الدعم السياسي والاقتصادي والعسكري لحكومته.

ويتجسد هذا الدعم في مشاركة بريطانيا الفاعلة ضمن التحالف الدولي لمحاربة “داعش” منذ عام 2014، ما يعكس التزامها بمواجهة التهديدات الأمنية في العراق والمنطقة.

كما تسهم بريطانيا بشكل كبير في الجهود الاستخبارية للتحالف الدولي، حيث تعد هذه المساهمة جزءاً من استراتيجية شاملة لضمان هزيمة “داعش”، إضافة إلى ذلك، قدمت بريطانيا دعماً عسكرياً مهماً، من خلال تدريب أكثر من 100 ألف عنصر أمني وعسكري عراقي، مما ساعد في تعزيز قدرة القوات العراقية على التصدي للتحديات الأمنية.

ولا يزال هناك طلب كبير من العراق على استيراد معدات وخدمات عالية الجودة لتلبية احتياجات الوزارات الأمنية والعسكرية، مما يعكس عمق التعاون بين بغداد ولندن في مجال الأمن والدفاع.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى