خطيب جمعة البصرة المركزية يؤكد على دور الرساليين في الدعوة إلى الدين وتفعيل الخطابات الفاطمية
أكد خطيب جمعة البصرة المركزية، الشيخ عباس الناصري، على دور المؤمن الرسالي في البناء المستمر.
وأشار الشيخ الناصري، خلال الخطبة الأولى، وتابعتها “النعيم نيوز”، إلى “خطاب سماحة المرجع اليعقوبي (دام ظله) الفاطميّ الأخير. الذي أكد فيه على دعواته السابقة بضرورة الاستجابة إلى الدعوة القرآنية، بإقامة دين الله وهداية الناس إلى ما فيه خير الدنيا والآخرة وإصلاح أحوالهم. وأن تبدأ هذه الحركة المباركة من داخل الأسرة أولاً، ثم تنطلق إلى المجتمع واستثمار كل الوسائل المتاحة. لأجل تحقيق هذا الهدف”.
ولفت، إلى أن “هذا هو دور المؤمن الرساليّ في كل زمان ومكان. حيث أن رساليّته تعني مشاركته المستمرة في عملية البناء الإنساني. والسعي الجاد في مسيرة تكامله”.
وتابع الشيخ الناصري: “ولذا سأتكلم في هذه الخطبة عن المؤمن الرسالي ودوره في عملية البناء المستمر. وقبل الحديث عن ذلك لابأس أولاً أن نتعرف على معنى المؤمن الرسالي. فمن هو المؤمن الرسالي؟. وللجواب وباختصار أكتفي بما ذكره سماحة المرجع اليعقوبي (سدد الله خطاه) في تعريفه. حيث قال: المؤمن الرسالي هو المسلم الذي لم يكتف بالالتزام بالدين في حياته الشخصية. بل يسعى إلى بناء مجتمع إسلامي وهو مستوى جليل وعظيم. ويدل على همة عالية في نيل رضا الله تبارك وتعالى”.
وأردف، قائلاً: “وبعد هذا التعريف أذكر على عجالة أهم مصاديق البناء في حياة المؤمن الرسالي، وكالتالي:
المصداق الأول- بناء الذات:
وهو المنطلق والأساس لكل البناءات الأخرى وقد ذكر ذلك سماحة المرجع في الخطاب الفاطميّ قبل الأخير، عندما تحدث عن أشكال النصرة المطلوبة لله تعالى وكان أولُّها النفس، قال دام ظله: ” النفس وهي الساحة الأولى والأهم لنصرة الله تعالى قال تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ) (المائدة: 105) وحُكي عن أمير المؤمنين عليه السلام قولُه (ميدانُكم الأول أنفسُكم فحاسبوها قبل أن تحاسبوا، وزنوها قبل أن توازنوا، فإن انتصرتم عليها كنتم على غيرها أقدر”.
ويتحقق بناء الذات من خلال أمور:
الأمر الأول- جعلُ المركزية والمحورية في الحياة لله تعالى فقط، يقول الإمام الصادق (عليه السلام): «لا يمحض رجل الايمان باللّه حتى يكون اللّه احب إليه من نفسه وابيه وامه وولده وأهله وماله ومن الناس كلهم».
الأمر الثاني- تحسّسُ الأعمال المرضية لله تعالى، قال الإمام علي (عليه السلام) كان يؤكد: «إن اللّه تبارك وتعالى اخفى رضاه في طاعته، فلا تستصغرن شيئاً من طاعته فربما وافق رضاه وانت لا تعلم».
فعلى المؤمن الرسالي البحث والتواجد في الأماكن التي يتوقع فيها رضا الله تعالى، فإن في ذلك ثمراتٍ كثيرة، لعلّ اقلَّها أنه سيكون بعيداً عن الأماكن الفارغة المحتوى والتي لا نفع فيها، بل قد يوجد فيها الضرر والفساد.
وكمثال على ذلك نحن مقبلون على رأس السنة الميلادي، فأين يفترض أن نكون؟ ستجد البعض يتواجد في أماكن ذكر الله تعالى والاشتغال بطاعته، بينما تجد البعض الآخر ممن لم يتحسس مرضاة الله تعالى موجودا في أماكن لا يرضاها الله ورسوله والمعصومون عليهم السلام.
الأمر الثالث- مصاحبة المؤمنين، في الحديث عن النبي (صلى الله عليه واله وسلم: ((الْمُؤْمِنُ مَنْفَعَةٌ، إِنْ مَاشَيْتَهُ نَفَعَكَ، وَإِنْ شَاوَرْتَهُ نَفَعَكَ، وَإِنْ شَارَكْتَهُ نَفَعَكَ، وَكُلُّ شَيْءٍ مِنْ أَمْرِهِ مَنْفَعَةٌ)).
ويقول (عليه السلام): « كان لي فيما مضى أخ في اللّه ، وكان يعظّمه في عيني صغر الدنيا في عينه … ».
المصداق الثاني- البناء الأُسريّ
وهو النقطة الرئيسية الثانية التي يجب الاهتمام بها والتركيز عليها، قال تعالى: ” يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَّا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ” التحريم: 6.
وقد أشار سماحته إلى أهمية ذلك في خطابه الفاطميّ الأخير عند حديثه عن ضرورة الاستجابة إلى الدعوة القرآنية بإقامة دين الله وهداية الناس إلى ما فيه خير الدنيا والآخرة وإصلاح أحوالهم قائلاً: ” وأن تبدأ هذه الحركة المباركة من داخل الأسرة أولا ثم تنطلق إلى المجتمع واستثمار كل الوسائل المتاحة لأجل تحقيق هذا الهدف، خصوصا وسائل التواصل الاجتماعي لأنها واسعة الانتشار ولمؤثريتها وقدرتها على تجاوز الحدود الجغرافية، وحينئذٍ سيكون سبباً بأن تحضى الأسرة والمجتمع بانفتاح البركات والخير العميم والحياة الهانئة السعيدة”.
أيها الأحبة: إن نقطة الانطلاق في البناء الأسري هو الزواج، ورد عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: “ما بُني بناءٌ في الإسلام أحبّ إلى الله تعالى من التزويج”.
وعنه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أيضا: “ما من شاب تزوّج في حداثة سنّه إلّا عجّ شيطانُه. يا ويلاه يا ويلاه عَصَم منّي ثلثي دينه، فليتقِ الله العبدُ في الثلث الباقي”.
وبالنسبة للمرأة ودورها في البناء الأسري ورد في الروايات ما يدل على أن جهاد المرأة حسن التبعّل لزوجها ومنها ما دلَّ على الأجر العظيم لها وهي تخدم في بيت زوجها، إضافة إلى دورها في تربية الأبناء، فإنها قد تجد في ذلك التعبَ والمشقّة أحياناً، ومن هنا كان دورُها الرئيسي في عملية البناء الأسري مرتبط بذلك، وأن أجرها يكون على أساس ذلك.
– والركن الآخر في البناء الأسري هم الأبناء، عن الإمام الصادق عليه السلام: ” أكرموا أولادكم، وأحسنوا آدابهم يُغفر لكم”، وفي الحديث: ” لئن يؤدِّب أحدُكم ولده خيرٌ له من أن يتصدّق بنصف صاعٍ كلّ يوم”.
المصداق الثالث- بناء المجتمع:
لأنَّ القائد الرّساليّ هو الإنسان الّذي يريد أن يركّز عقول النّاس على الحقّ، وحياتهم على العدل، وعلاقتهم وخطواتِهم على خطِّ الاستقامة. وقد أشار سماحته إلى ذلك في خطابه الفاطميّ الأخير بقوله: ” إن إقامة الدين ليس أفعالاً عبادية يؤديها الإنسان بينه وبين الله تعالى بمعزل عن الواقع بل انه قانون لتنظيم حياة الإنسان مع الكون كله”.
-وينطلق المؤمن الرسالي في هذا الطريق اعتمادا على وعيه العالي بضرورة البناء المجتمعي، ويكون ذلك بتلطّف ورفق، كما ورد في كلمات أمير المؤمنين عليه السلام في عهده لمالك” أشعر قلبك الرحمة للرعية، والمحبة لهم، واللطف بهم”.
ويمكن أن تتم عملية بناء المجتمع من خلال ما يقوم به المؤمن الرسالي بصور متنوعة، لعل أهمها:
الصورة الأولى- تربية المجتمع من خلال عرض المؤمن الرسالي نفسَه كقدوة حسنة.
الصورة الثانية- نصرة دين الله تعالى بنشره وتعريف الناس به وتحبيبه إلى الناس وتثبيت قلوب المؤمنين ورد الشبهات ووأد الفتن والعمل على هداية الناس وإرشادهم إلى الحق وتعليمهم الأحكام الشرعية والأخلاق الفاضلة ولتحقيق العدالة الاجتماعية والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فإن أداء هذه الفريضة الإلهية أعظم نصرة لله تعالى.
قال (دام ظله) في خطابه الفاطميّ الأخير: ” وقد أتاح الله تعالى لنا اليوم أعظم الوسائل للدعوة والتبليغ والنشر من خلال التقنيات المعاصرة، فنستطيع أن نوصل صوت الإيمان إلى ملايين البشر من خلال المنصات الإلكترونية الفاعلة والجاذبة والمؤثرة، خصوصاً وسائل التواصل الاجتماعي لأنها واسعة الانتشار ولمؤثريتها وقدرتها على تجاوز الحدود الجغرافية، وحينئذٍ سيكون سبباً بأن تحضى الأسرة والمجتمع بانفتاح البركات والخير العميم والحياة الهانئة السعيدة”.
الصورة الثالثة- توجيه الناس باتجاه طلب العلوم والمعارف ونشرها، ذكر سماحة المرجع (دام ظله) في خطاب فاطميٍّ سابق تحت عنوان السيدة الزهراء (عليها السلام) تحث على نشر الأحكام الشرعية والعلوم الدينية ما ينفع في هذا المجال.
الصورة الرابعة- حثهم على تزكية النفس وتربية الروح، وقد تقدمت الإشارة إلى ما ذكره سماحة المرجع في خطابه الفاطميّ قبل الأخير عندما قال إنه الميدان الأول للنصرة.
الصورة الخامسة- حثهم على العمل بل واختيار أحسنه، ولعلّ أحسنه العمل المؤسساتي لأنه أكثر انتاجيّة وتأثيراً في عملية البناء المجتمعي، وهو يتوقف على أمور لابدّ من توفرها مجتمعة وهي: ( الإيمان بضرورة العمل المؤسساتي أولاً، ثم الانخراط والتواجد فيه ثانياً، وتطوير آلياته والإبداع المستمر في تحديثها ثالثاً).
اللهم وفقنا لمراضيك وجنبنا معاصيك بالنبي ولا تخرجنا من هذه الدنيا حتى ترضى عنا بالنبي وآله الطاهرين.
أما الخطبة الثانية، فقد عنونها الشيخ الناصري، “الصديقة الطاهرة الزهراء (ع) تدعو إلى إقامة دين الله تعالى واتّباع الأمناء عليه”.
نوه، إلى أن “هذا العنوان ذاته عنوان الخطاب الفاطميّ الأخير”، مضيفاً “ومن الواضح أنه ينجّز علينا وجوب الاستجابة لندائها عليها السلام، فهي تدعونا إلى إقامة دين الله تعالى ثم اتّباع الأمناء عليه، وقد تحدثنا عن الأمر الأول منه في الخطبة السابقة.
وأكمل الشيخ الناصري، “بقي علينا أن نتحدث عن الأمر الثاني منه أي اتّباع الأمناء على دين الله تعالى. فمن هم الأمناء على الدين؟
لاشك ولا إشكال في أن أول الأمناء على الدين هو نبيُّنا الخاتم (صلى الله عليه وآله وسلم) ومن بعده الأئمة المعصومون عليهم أفضل الصلاة وأزكى السلام. كما لاشك ولا إشكال في أن الامناء على الدين في زمن الغيبة الكبرى هم الفقهاء العدول العاملون المخلصون.
وقد مرّ بنا يوم أمس ذكرى وصية السيد الشهيد الصدر بالمرجع اليعقوبي، أي ذكرى المرشّح الوحيد من حوزتنا العارفة العادلة، العاملة المخلصة، ألا وهو سماحة الفقيه العادل والعالم القائد المرجع اليعقوبيّ دام ظله المبارك.
وسأذكر هنا بعض الإشادات التي نطق بها مرجعنا الشهيد الصدر (رضوان الله عليه وأعلى الله مقامه) بحق سماحة المرجع اليعقوبيّ (حفظه الله وسدد خطاه):
أولاً- ما ذكره في رسالته قده والمذكورة في كتاب قناديل العارفين: ” شيخنا الاجلّ دام عزُك .بعد التحية والسلام أرجو التفضل بالإطلاع على النقاط التالية:-
أنت تعلم إني كنت ولا زلت أعتبرك أفضل طلابي وأطيبهم قلباً وأكثرهم إنصافاً للحق، بحيث لو دار الأمر في يوم من الأيام المستقبلية بين عدة مرشحين للمرجعية ما عدوتك لكي تبقى المرجعية في أيدي منصفين وقاضين لحوائج الآخرين لا بأيدي أُناس قساة وطالبين للدنيا. حتى إنني فكرت في درجة من درجات تفكيري إنني اقيمك مكاني للجمعة ولا زال هذا التفكير قائماً. ولم تمنع عنه رسالتك الصريحة هذه. كما لم أجد في طلابي إلى الآن على كثرتهم وتنوع اتجاهاتهم وأذواقهم من هو جامع للشرائط التي أتوقعها أكثر منك. فحقق الله رجائي فيك بعونه وقوته”.
ثانياً- ما ذكره في لقاء البرانيّ” الشخص الرئيسي الأول الذي يعني حقيقةً ناصرني في يوم شدتي هو جناب الشيخ ــ شيخ محمد –”
ثالثاً- ما ذكره في مقدمة منهج الأصول الجزء الثاني: “من نعم الله سبحانه على الدين والمذهب عامة وعليّ خاصةً وأنا العبد الخاطئ الذليل أن رزقني عدداً لا يستهان به من الطلاب الفضلاء المخلصين وأهل الهمم المجدّين جزاهم الله جميعاً خير جزاء المحسنين ومن أهمهم هذا الشيخ الجليل والعلامة النبيل المفضال الشيخ محمد موسى اليعقوبي (دام عزُه)، فقد ألتزم دروسنا في علم الأصول وأنالها العناية الكافية فهماً وكتابةً وممارسةً وها هو يقدم لنا هذا الكتاب نموذجاً من جهوده وليالي تفكيره، وقد قُمت بمراجعته فوجدتهُ وافياً بالغرض وملماً بالمطالب حسب الأصول، ولكني أعتبرهُ هو المؤلف وله حرية التعبير وإن كانت المطالب بالأصل صادرة مني بطبيعة الحال، ولكني أجزتهُ في ذلك بعد حفظ المعنى ووضوح المبنى ولا شك إنه بهذا الجهد الجهيد يسير بخطو حثيث نحو الاجتهاد ومعرفة السداد أتمنى له المستقبل الزاهر في خدمة العلم والعمل وأن يكون من المراجع المخلصين والقادة الطيبين جزاه الله خير جزاء المحسنين”.
رابعاً- وهو محل الشاهد في خطبتها هذه، وهو ما ذكره في لقاء جامعة الصدر الدينية وهو كما تعلمون لقاء مسجل بصوته قده: ” والآن أستطيع أن أقول أن المرشح الوحيد من حوزتنا هو جناب الشيخ محمد اليعقوبي إذا كان الله أمدّ لي العمر إلى وقت شُهد باجتهاده فأنا لا أعدو عنه هو الذي ينبغي أن يمسك الحوزة بعدي”.
وبعد هذه الشهادات الصدرائية بحق سماحة المرجع اليعقوبي (دامت بركاته)، أقول: أيها الأحبة في الله تعالى، أنه لابدّ من تصدّي المؤمنين الرساليين إلى دعوة الناس وإرشادهم إلى ضرورة الالتفاف حول سماحة المرجع اليعقوبي وإدامة زخم التواصل مع مرجعيته النائبة الشاهدة؛ لدفع الغفلة التي كانت ومازالت سبباً في ضياع أو ضعف المشاريع الرساليّة والحقوق المجتمعيّة.
ولقد أشار سماحة المرجع إلى تلك الغفلة في خطابٍ فاطميٍّ سابق تحت عنوان: “السيدة الزهراء عليها السلام توقظ الأمة لمعرفة قادتها” والكلام طويل وكلُّه لسماحته حيث قال:
“هذه الغفلة عن الله تعالى ترتبط بها غفلة أخرى لا تقل عنها ضرراً هي عدم الاهتداء إلى الحجة المنصوب من الله تعالى لأن بها الضلال عن الدين… إلى أن قال: “لم تكن السيدة فاطمة الزهراء (عليها السلام) حين خرجت من مسجد أبيها (صلى الله عليه وآله وسلم) راغبة في أن تخرج من دارها؛ لأنها القائلة حين سأل أبوها (صلى الله عليه وآله وسلم) عما هو خير للنساء فأجابت: أن لا ترى رجلاً ولا يراها رجل… لكنها خرجت مرغمة لأداء واجبها في إيقاظ أمة أبيها (صلى الله عليه وآله وسلم) من الغفلة التي اعترتهم والتفريط في وصية رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فأرادت أن ترفع عنهم حجاب الغفلة وتذكرهم بلزوم طاعة الإمام الحق أمير المؤمنين (عليه السلام)، وكانت كلماتها (عليها السلام) تقع كالصاعقة عليهم كقولها (عليها السلام): (معاشر الناس المسرعة إلى قيل الباطل، المغضية على الفعل القبيح الخاسر، أفلا تتدبرون القرآن أم على قلوبٍ أقفالها؟ كلا بل رانَ على قلوبكم ما أسأتم من أعمالكم فأخذ بسمعكم وأبصاركم، ولبئس ما تأوّلتم، وساء ما به أشرتم، وشرٌّ ما منه اعتضتم او(اغتصبتم)، لتجدنَّ –والله- محمله ثقيلاً وغبَّه وبيلاً إذا كشف لكم الغطاء وبان ما وراءه الضراء وبدا لكم من ربكم ما لم تكونوا تحتسبون، وخسر هنالك المبطلون).
وبيّنت (عليها السلام) للأمة من خلال نساء الأنصار اللواتي زرنها صفات المستحق لإمامة الأمة وقيادتها (ويحهم، أنّى زحزحوها! عن رواسي الرسالة وقواعد النبوة والدلالة، ومهبط الروح الأمين، والطبين بأمور الدنيا والدين، ألا ذلك هو الخسران المبين.
وهذا الكلام وإن كان منها (عليها السلام) في حق أمير المؤمنين (عليه السلام)، إلا أنها (عليها السلام) لم تدعُهم إلى عليٍّ الشخص بل إلى عليٍّ المشروع كما ذكر سماحته في خطابه الفاطميّ الأخير قائلا: ” السيدة الزهراء (عليها السلام) لم تدعُهم إلى علي (عليه السلام) الشخص فقط وإنما دعتهم إلى التمسّك بعلي المشروع الذي أسسه النبي (صلى الله عليه وآله) وهو الإسلام النقي كما أنزل من الله تبارك وتعالى وتعاقب على تمثيله أبناؤه المعصومون البررة (عليهم السلام)، ومن بعدهم مراجع الدين العظام”.
فالغفلة هي الغفلة في كل زمان ومكان عن القيادة الحقّة التي متى ما سُلِّمت زمام الأمور كان على يديها النصر والظفر.
أيها الإخوة والأخوات: ثم إنه ينبغي أن تكون الدعوة إلى الالتفاف حول مرجعيتنا الشاهدة الحكيمة المخلصة والاستفادة من وجودها، من خلال الطرق العلمية والموضوعيّة، بعيداً عما يفسدها من التطرّف أو الغلوّ أو غير ذلك مما لا يكون دقيقاً وحقّاً صادقاً في نفسه؛ وذلك لأن ما هو موجود عند مرجعيتنا فعلا هو الكثير الكثير، علماً وفكراً، ووعياً وإخلاصاً، إلى جنب المعرفة العالية والأخلاق المتعالية، مضافاً إلى ما يتميّز به من حكمة وبصيرة لا يمكن أن تتوافر الا عند من يختصه الله تعالى بالجواهر من الطافه.
وتكفي للدلالة على توافر كل هذه الأوصاف في سماحة المرجع اليعقوبي (دامت بركاته) _ طبعا غير الفقه والأصول والمعارف الأخرى عند سماحته_ مراجعةٌ سريعة للخطابات الفاطمية المباركة يقوم بها أي شخص منصف يطلب الحقيقة ورضا الله تعالى من خلال اتّباع القيادة الحقّة، وهذه دعوة صادقة مخلصة منّا لجميع المنصفين الباحثين عن القيادة الإلهيّة الحقّة؛ وبيننا وبينهم تلك الكلمات الواعية المخلصة الصادقة”.
لتصلك آخر الأخبار تابعنا على قناتنا في موقع التلغرام: النعيم نيوز
ولمتابعتنا على موقع فيسبوك يرجى الضغط أيضا على الرابط التالي: النعيم نيوز
كما يمكنك الاشتراك أيضا على قناتنا في منصة يوتيوب لمتابعة برامجنا على: قناة النعيم الفضائية
ولا تنسى أيضا الاشتراك في قناتنا على موقع الانستغرام: النعيم نيوز