مقالات

خطورة وصف الفقهاء بالمؤسسين

عماد علي الهلالي

كانت هناك شخصية منسوبة للوسط الديني في إيران تلحّ على استعمال مصطلح المؤسسين مع الشيخ الكليني والشيخ الصدوق والشيخ المفيد والشيخ الطوسي، دون أن يبين معنى ذلك التأسيس، والغرض منه واضح وهو نسبة التشيع إلى هؤلاء الفقهاء فيكون مذهب التشيع حاله حال المذاهب الأخرى التي أسسها الأشعري أو فقهاء العامة.

ونقل البعض هذا المصطلح في سبيل الثناء على هؤلاء الفقهاء ولم ينتبه إلى الجانب التخريبي فيه.

وهذه الفكرة شاهد على أساليب التخريب الثقافي للوسط الشيعي فإنه كان يريد تلقيمها لعامة الشيعة ليشعروا بالضعف والكلل عن الخطر الذي يخافه البعض من انتشار التشيع، فهي ضربة داخلية بدل مواجهة الجدال المذهبي.

والتشيع لعلي (عليه السلام) موجود في زمان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وكان هناك مجموعة من الصحابة يسمّون بشيعة علي كسلمان والمقداد وعمار.. وأنزلت فيهم آيات قرآنية تثني عليهم، وكذلك أثنى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في نصوص كثيرة على شيعة علي وأنهم هم معنى خير البرية وأنهم هم الفائزون وهي كلمات مذكورة في القرآن الكريم، ونقلت تلك الروايات في كتب العامة حتى أحصي منها قرابة أربعون رواية، فالولاء لعلي تمتد جذوره إلى أيام النبي (صلى الله عليه وآله وسلم).

ثم إن أخذ الفقه والتفسير والعقائد والأخلاق من علي (عليه السلام) يعني أخذها من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فالتشيع هو الطريق إلى الشريعة، وقال الفخر الرازي في تفسيره حين تعارض ما أخذ عن علي مع غيره: (ومن اتخذ علياً إماماً لدينه فقد استمسك بالعروة الوثقى في دينه ونفسه )[ تفسير مفاتيح الغيب 1 : 205].

وقال أيضاً: (أما إن علي بن أبي طالب (عليه السلام) كان يجهر بالتسمية، فقد ثبت بالتواتر، ومن اقتدى في دينه بعلي بن أبي طالب ( عليه السلام ) فقد اهتدى، والدليل عليه قوله (عليه السلام) : اللهم أدِر الحق مع علي حيث دار)[ التفسير الكبير : 1 /205،207].

وكانت معالم فقه الشيعة وعقائدهم واضحة واختلافهم عن غيرهم مشهور، وكان الخصوم يعيبون عليهم القول بالرجعة والنص على الإمامة والشفاعة وغيرها. وكانت هذه العقائد والمسارات الفقهية موجودة في زمان الأئمة (عليهم السلام) ويُسألون عنها فيبينون تفاصليها وكتبت عنهم الأصول الروائية التي اعتنى بها رواة الشيعة حتى جُمعت في الكتب الأربعة (الكافي للكليني، ومن لا يحضره الفقيه للصدوق، والتهذيب والاستبصار للطوسي) ونقل غيرهم روايات كثيرة في كتب كثيرة.

وحينما نأتي إلى مَن زعم أنهم المؤسسون لا نرى أنهم يتصرفون كمؤسسين، فالكليني مثلاً هو جامع للروايات يتحرى أيها أفضل سنداً، فأي تأسيس يمكن أن يُنسب إليه. والشيخ الصدوق كذلك، وهو والشيخ المفيد حين يجادلان أو يقولان بالفقه فإنما يستعينان بالروايات، وبالحجج العقلية للدفاع عن عقائد الشيعة الموجودة قبلهم بقرون.

وكان هؤلاء الأربعة في مناطق محددة من قم والعراق، وكانت التشيع أوسع من ذلك وكتب الأئمة ورواياتهم وفقههم وقصصهم موجودة في البصرة ولبنان والمدينة واليمن.

بل يمكن معرفة عقيدتهم وفقههم من كتب المخالفين التي ذكروا فيها الاتجاهات العقائدية للشيعة وفتاواهم في معرض الرد أو الاستعراض أو المناقشة.

سيصر المخربون على استعمال مفردة التأسيس لأنهم يخاطبون الجهلة من العامة وسيحيطونها بالمؤثرات الصوتية وزخارف القول ليطفئوا نور الله بأفواههم والله متم نوره ومنجز وعده.

لتصلك آخر الأخبار تابعنا على قناتنا في موقع التلغرام: النعيم نيوز

و لمتابعتنا على موقع فيسبوك يرجى الضغط أيضا على الرابط التالي: النعيم نيوز

كما يمكنك الاشتراك أيضا على قناتنا في منصة يوتيوب لمتابعة برامجنا على: قناة النعيم الفضائية

و لا تنسى أيضا الاشتراك في قناتنا على موقع الانستغرام: النعيم نيوز 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى