كتب علي الخفاجي:
حينما أعلن السيد مارك عن موقع للتواصل الاجتماعي أطلقت عليه تسمية فيس بوك ومنذ ذلك الحين والعالم بدا أسيراً لهذا الموقع واستطاع وبفترة قصيرة أن يجلب مئات الملايين من المستخدمين، إذ أصبح أشهر وسيلة للتواصل الاجتماعي والأكثر انتشاراً، وأخذت المواقع الافتراضية بعده تتوالى وتزداد بشكلٍ كبير، آخـر هذه البرامج كلوب هاوس هـو تطبيق شبكات اجتماعية للدردشة الصوتية يسهل الاتصال من خلال الغرف التي يمكن أن تستوعب مجموعات كبيرة من الأشخاص، يستضيف التطبيق الصوتي غرفًاً افتراضية للمناقشات الحية، مع إعطاء الفرص للأفراد للمشاركة من خلال التحدث والاستماع ولا يمكن الوصول إليه إلا عن طريق دعوة الأصدقاء بعضهم لبعض ويمكن أن يوصف بأنه غرفة للتحاور وقاعة اجتماعات عامة ، وعلى ما يبدو فان السبب الرئيس لسرعة انتشار هذا البرنامج بالإضافة الى التكنلوجيا المتسارعة هو ظهوره مع بدايات ظهور فيروس كورونا، فالقيود التي فرضتها الدول على مواطنيها من حيث التقييد في التنقل وعدم الاختلاط المباشر والتباعد الاجتماعي جعل من البرنامج خير وسيلة للتواصل والتحدث ومشاركة الآراء بشيء من الحرية.
حدثني أحد الأصدقاء المهتمين ببرامج التواصل الاجتماعي والأمور التكنلوجية عن هذا البرنامج وعن ايجابياته وسلبياته وعن سبب تفاعل الناس معه، حيث ذكر انه على الرغم من الحرية الكبيرة التي يتمتع بها المستخدم لهذا البرنامج للتعبير ومناقشة الآراء من دون قيود وإمكانية الدخول على أي مجموعة والتحدث مع أشخاص يحملون نفس الأفكار والتطلعات، الا إنه تحول من تطبيق نخبوي حول نشاطات محددة تهم النخبة او شريحة معينة الى تطبيق جماهيري مباح للمستخدمين من دون تقييد في الطرح، وبهذا يعتبر التطبيق ضحية نموه السريع.
بالتأكيد أصبحت هذه التطبيقات بالنسبة لمستخدميها فضاءً واسعاً للحرية وتمثل نهاية لفوبيا المكان بسبب الخوف من ابداء الرأي علانية، لكن الموضوع الأهم هو، هل إبداء الرأي سواء كان هذا الرأي ايجابياً ام سلبياً يعتبر من الحرية الفردية ام يجب أن يحدد بضوابط؟؛ اذا ما حدد بضوابط هل يكون ضمن التقييد المشروط ومصادرة للرأي ام هذه الضوابط وجدت لتحديد مسار الفرد وبالتالي ضبط إيقاع المجتمع؟.
مفهوم الحرية بدأ يتداخل مع ما هو محظور وما هو مقيد وما هو مباح ، فليس التعبير عن اي شيء في اي زمان وفي أي مكان يعتبر من مبادئ الحرية، فالتعبير وحده لا يمكن أن يكون مثمراً الا اذا كان مقروناً بفعل، المجالس إن صحت تسميتها التي تعقد خلف الشاشات والتكلم من خلال هذا التطبيق او غيره من دون قيد او شرط وبدون نتاج ايجابي هو بمثابة التنظير الأجوف غير المجدي الذي لا يتعدى كونه للتسلية وقضاء الوقت ليس إلا و من دون فائدة تذكر.