كتب علي حسين عبيد: الحوادث المرورية التي نراها يومياً، ونسمع بها، أو نقرأ عنها، كأنها ساحة حرب تحصد أرواح العراقيين بشكل يومي منتظم، فحين نطالع نشرات الأخبار، أو ندخل في غابة السوشيال ميديا، أو نجلس في مقهى للعاطلين عن العمل، الجميع يتحدثون عن هذه الحادثة المرورية أو تلك.
وآخرها الحادثة التي جرت يوم الثلاثاء 2/ 4/ 2024 في البصرة منطقة الهارثة، فقد سقط ستة طلاب صغار في أتون الموت، وأكثر من عشر طلاب مصابين دهستهم شاحنة كبيرة تجرّ خلفها برّاد، وقد دُهِس الطلاب أثناء خروجهم من المدرسة بعد انتهاء الدوام.
هذه الفوضى المرورية تتكرر في جميع المدن العراقية وبشكل يومي، وكأنها جزء من المشهد الفوضوي الذي يجتاح كل مجالات الحياة العراقية، فالحقيقة التي لا يمكن أن نخفيها، هناك حرائق مستمرة تحصد أرواح الناس والأسباب عجيبة غريبة، (تماس كهربائي، مخالفة شروط السلامة في تشييد المخازن، تكديس البضائع بشكل غير سليم)، وهكذا نحن أمام مشهد آخر للموت غير الحوادث المرورية، سببه الفوضى أيضاً.
من الحوادث المتفرقة الأخرى، في كل يوم نسمع بسقوط العامل الفلاني في فوهة المجاري، وموته مع فشل مستمر في حالات الإنقاذ، أو الحد من هذه الحوادث، وكذلك هناك أنواع أخرى من الموت غير الحوادث المرورية أو الحرائق، وهي معروفة ومرئية من الجميع وأقصد بها المعارك والنزاعات القاتلة بين الناس لأتفه الأسباب.
هذا المشهد الفوضوي من يقف وراءه، ولماذا لا توضع الحلول التي توقف هذا النزيف المستمر لرواح العراقيين؟، هل الإنسان رخيص إلى هذا الحد، وهل باتت حياة الناس رخيصة إلى هذا الحد؟، لماذا لم تتخذ الجهات المعنية السبل اللازمة لمعالجة هذه الفوضى وهي معروفة المصادر والأسباب.
المعالجات ليس صعبة، فمديرية المرور في بغداد ومديريات المرور في المحافظات لم تقم بمسؤولياتها كما يجب، والطرق التي تستخدمها السيارات ليس على ما يُرام، فهي تغص بالمطبات (والطسات) والحفر العميقة المفاجئة، وهذه أسباب مباشرة للحوادث المرورية، بالإضافة إلى أسباب أخرى منها على سبيل المثال، كثرة السائقين الصغار في العمر، ومعظمهم بلا إجازات سوق، ومعظمهم يقودون سيارات حديثة وسريعة، مما يجعلهم سبباً مباشراً لحوادث مرورية قاتلة ومتكررة.
نريد أن نقول هنا، إن الحروب أخذت من أرواح العراقيين الكثير، وأن المفخخات والإرهاب حصد الكثير من الأرواح في العراق، لهذا كفى موتاً وكفى فوضى، لابد أن تنتهي هذه المهزلة، لا بد من اتخاذ التدابير، التي توقف هذه الفوضى الضاربة في أعماق المجتمع العراقي.
الحقيقة لا توجد جهة بمفردها أن تعالج وباء الموت الذي يعصف بأرواح العراقيين، بل المسؤولية جماعية، والمعالجات يجب أن تخضع للتخطيط الدقيق ولا تكون المعالجة فوضوية أيضاً، لأن استمرار كثرة الحوادث المرورية وسواها، يؤكد أن المعالجات لا تزال فوضوية أيضاً وغير مدروسة.
وإلا من غير المعقول تُزهق أرواح الطلاب الصغار بهذه البساطة، شاحنة كبيرة تسير بسرعة تصدم سيارة أخرى وتنحرف خارج الشارع إلى الرصيف وتدهس عشرات الطلاب الخارجين من مدرستهم للتو، وبدلاً من أن يصلوا بيوتهم بأمان ويستريحوا من تعب التدريس، يودّعون الحياة إلى رحاب السماء بسبب خطأ بشري لسائق فوضوي جاهل، وبمشاركة الجهات المسؤولة عن تنظيم المرور، أخيراً لا بد من وضع نهاية تامة لمهزلة الفوضى المرورية وغيرها