مقالات
بناء القدرات الشبابيَّة
كتب ياسر المتولي:
يمتلك العراق قدرات من الموارد البشرية كان يحسد عليها، فهو يمتلك نخباً من العلماء والمفكرين في مختلف الأنشطة العلمية. لكنها غير مستثمرة لإعادة بنائه بعد أن أعيته الحروب والاحداث المدمرة التي خاضها منذ أربعة عقود ولا يزال.
أغلب العراقيين يتغنون بأن في بلدهم آلاف الخبرات والكفاءات العراقية القادرة على النهوض بالبلد وعودته الى سابق عهده من بين الامم المشهود لها بالبنان .
لكن نجد اليوم تلك الكفاءات والخبرات التي تشكل مركز ثقل القدرات البشرية موزعة بين اغلب دول العالم المتقدمة وتقوم بتقديم خدماتها على ما يرام وتحظى بمكانة مرموقة في تلك الدول، لا بل تجدها تتبوأ أعلى الفرص في ادارة المشاريع المختلفة وقيادة فرق العمل فيها .
أما أسباب هجرة الكفاءات والعقول ورؤس الاموال العراقية فمعروفة ولا داعي لتكرارها هنا .
ومن المفيد الاشارة الى بعض الاختصاصات العلمية ذات الصلة بالبناء والاعمار وتقديم الخدمات المتطورة من مهندسيين واطباء وفنيين وحرفيين وخبراء اقتصاد وخبرات ادارية في الادارة الرشيدة للمشاريع المختلفة، والشواهد على ذلك كثيرة .
مايهمنا هنا كيفية بناء القدرات لدى شريحة الشباب (الموارد البشرية الجديدة)؟.
الأسلوب الذي كان متبعا سابقاً في بناء القدرات ينطلق من نظام البعثات الدراسية المنظمة على وفق التخصصات المهمة والحاجة الاساسية لمؤسسات الدولة، وغالباً ما تتحمل الوزارات والمؤسسات النفقات الدراسية لموظفيها من خريجي الجامعات العراقية المؤهلين لاكمال دراساتهم العليا .
ومعروف عن الجامعات العراقية رصانتها في تخريج الطلبة والشهادات التي ينالها الطالب باستحقاقه العلمي وبما يؤهله للترشح الى البعثات .
معنى ذلك أن الطالب المبتعث يمتلك من الخبرة العلمية والعملية في تخصصه ما يؤهله للفوز بالبعثة، فتجد الطلبة المبتعثين يتقدمون على أقرانهم من الدول الأخرى، وذلك لامتلاكهم الأساس القوي في دراساتهم الاولية في الجامعات العراقية فتجدهم يتفوقون في نتائجهم التي يحصلون عليها.
وبذلك أصبح العراق يمتلك من القدرات البشرية ما يكفي لبناء عشرات الدول لو أتيح لهم لعب هذا الدور.
ولعل ما يلفت نظري ويجلب انتباهي واهتمامي برنامج احدى القنوات حينما يعرض لقاءات مع نخب من علماء العراق المنتشرين في اوروبا والخليج العربي قادرين على اعادة اعمار العراق لو استثمرت جهودهم واستقدموا الى العراق وهم مستعدون شريطة توفير بيئة عمل آمنة لهم وحوافز توفر لهم مستوى معاشيا يرقى الى مستوى جهودهم .
السؤال الأهم هنا، هل نستطيع بناء قدرات شبابية جديدة؟.
الجواب نعم، ولكن كيف؟ بإعادة تفعيل البعثات الدراسية للكفاءات العلمية المقتدرة، وان يكون هناك تعليم جامعي رصين واعتماد الطلبة المتفوقين على وفق الاستحقاقات بهدف رفع كفاءتهم ومهاراتهم ليكونوا نواة جيل البناء الجديد.
نتامل أن يحدث هذا التغيير لتحقيق الأماني والطموحات المؤجلة.
المقترح قابل للنقاش بين الوزارات المعنية والمؤسسات التنفيذية، ومن ابرزها وزارات التخطيط والتعليم العالي ووزارة العلوم والتكنولوجيا لوضع آليات وضوابط البعثات على وفق الحاجات الأساسية.