اخبار اسلامية
أخر الأخبار

بإمامة الشيخ “حسين المندلاوي”.. إقامة صلاة الجمعة في مسجد وحسينية الامام الحسن المجتبى (ع)

أقيمت اليوم صلاة الجمعة المباركة في مسجد وحسينية الامام الحسن المجتبى (ع) في خانقين منطقة علي مراد بإمامة سماحة الشيخ (حسين المندلاوي) وحضور جمع مبارك من المؤمنين.

 

وملخص الخطبتين …

عنوان الخطبة ( معالم المنهج الإصلاحي للإمام الحسين ع )

في الحق أن ثورة أبي الأحرار سيد الشهداء الإمام أبي عبد الحسين(ع)، ثورة رحبة الآفاق، مترامية الأرجاء، يتعذر على أي باحث مهما بلغ من رهافة الحس، وعمق الوعي، والصبر والمجاهدة على البحث، أن يحيط بجميع أبعادها، ويلم بسائر دوافعها وظروفها الاجتماعية والسياسية التي رافقتها، منذ بذرتها الأولى وحتى اللحظة التاريخية الحاسمة التي انفجرت فيها , والحق الذي لا مراء فيه أن أحداً من المسلمين لا يشك في أن نهضة أبي عبد الله الحسين (ع) قد تمت في مخطط جذري لإنقاذ الإسلام من براثن الكفر والضلالة، التي أشاعتها أمية في المجتمع الإسلامي، للخروج على سلطان الدين، ومحق الرسالة الإسلامية، والقضاء على سنّة الرسول الأكرم(ص)، فكانت نهضة الحسين (ع) ، ومن قبله بلاء الإمام الحسن (ع) وصبره، أعظم حركة تحررية لا للإسلام فحسب بل للأجيال البشرية كلها، وللمجتمع الإنساني الذي يريد أن يدخل أبواب الحضارة من هدى الإسلام وريادته..

فهو(ع) أنقذ الدين وخطه القويم من تيارات الخلط المفاهيمي على العقول، ووسائل الدعاية والإعلام، المضللة التي تعمّي على الأبصار حقائق الإسلام الكبرى، وتسد على النفوس كل منافذ الوعي والاستراحة إلى الركن الوثيق في خطة الرسالة السمحاء وأهدافها وبرامجها النيرة؛ وحقاً قال الشيخ محمد عبده – رحمه الله – أنه (لولا الإمام الحسين، لما بقي لهذا الدين من أثر).. هذا وإن نهضة الحسين (ع) هي حركة تحررية للأجيال البشرية؛ من حيث أن كل حر في العالم حينما يلقي بنفسه بإزاء واقعة الطف، فإنه لا يملك إلا أن يذعن لضرورة دراستها – بجميع جوانبها -، ليتوصل منها إلى إرضاء حاجته الطبيعية للانعتاق – وتحرير العقل من الرتابة المفاهيمية، والتشوهات الذهنية، التي تعتريه عادة في الزمن الرتيب والمتكرر، ثم لم يلبث أن يجد نفسه أمام جملة مفاهيم حية متحركة، لا تتحدد بمدى، أو تنحصر في أفق، بل تتطلب وعياً واحداً، وعلى مدى حركة التاريخ، وممر الدهر..

إذاً يمكن إجمال القول بأن أصالة البواعث هي التي تعطي قيمة للأعمال، وهذه القيمة ليست وقفاً على طبيعة إنجاز العمل، ومدى تحقق الأهداف، هذا الحكم ليس جزفياً أو اعتباطياً، بل هو مستنبط من واقع الأمور، وطبيعة التفكير، وحركة الحوادث عبر التاريخ.

وبعد، فإننا – وعلى ضوء الإسلام – نجد النية تُرعى باهتمام خاص وعناية كبيرة ملحوظة؛ نية الفرد والجماعة في أي مسعى ونشاط ما، إذ تتحكم النية بكل شيء، وهي الأساس الذي يحسب الإنسان حسابه عليها طوال عمره، ولذا فقد شدد الإسلام على النية والنية الحسنة، انطلاقاً من هذا المفهوم الإسلامي الجاري على جميع الأنشطة والأعمال، فإن كل فريضة إسلامية أو قرار إسلامي، وممارسة إسلامية، مرفوضة وليست مقبولة من قبل الله سبحانه وتعالى، لعدم مراعاتها القصد والنية الحسنة.

وهكذا فقد أولى الإسلام العظيم ناحية الدافع عناية واضحة، داعياً في هذا المجال إلى نبذ الأنانية، وترجيح النفع العام، والمصالح الاجتماعية، وتأكيد السعي الجماعي والتعاون على البر .

أولاً: البوادر الجهادية لا تشترط النصر ..

الثابت أن الجهاد في جوهره وحقيقته، يستهدف – بصفة أساسية – حفظ الحق، ومعالمه الكبرى، ولا يشترط نصراً، وإمساكاً بالسلطة الزمنية، أو حيازة كرسي الحكم، وإن لم يمنع منه، ولو كانت كل بادرة جهادية تشترط النصر بمعناه المتعارف، لخطّأنا بوادر الرسول الأعظم(ص) من حيث لا نشعر، أو من حيث يهدف المرء إلى تخطئة سبط الرسول (ص). وإذا كان الجهاد بتلك النظرة من ضيق الأفق، فمتى وكيف يتسنى للحق أن يعلن معالمه، ويكشف عما يكاد يطويه الباطل طياً فيطمسه؟ وكيف يأبى الله سبحانه إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون، إن لم يسخر لذلك أولياءه وحججه بتضامن الصالحين من عباده، لديمومة الممارسة والعمل مشفوعاً بالبذل والفداء والتضحية؟.

فالجهاد بحسب مبادئ الدين الحنيف، هو الصدوع بالحق والصرامة على الباطل وأهله ودولته، ولذلك أشكال يتخذها الأمناء البررة في أثناء أداء الرسالة… إنه صراحة الإعلان وصدق العمل على رفض سيادة القوى الظالمة المنحرفة، منذ البداية الممهدة ورفض لديمومتها باللسان والسيف ودم الجسد، ونعني بالرفض رفض الإسلام لها من حيث المبدأ، ويتم على يد الأمناء عليه، وقد ظهر هذا الوعي الثابت لدى جميع الثلة المباركة التي سارت مع أبي الأحرار (ع)..

أما طريقة الذين قعدوا قديماً – والذين كتبوا حديثاً – فهي تقضي بالصمت والسكوت وغلق باب الجهاد بحجة أن النصر وإمساك زمام الحكم بعيد التحقيق إن لم يكن مستحيلاً.. وهي حجة واهية دونما جدال، فمتى توقف الجهاد على نصر مؤكد أو حكم سياسي، بقي الحق مستوراً… بل يظهر الجهل على القائلين بذلك وأنهم ليسوا من الإسلام في شيء، ولم يدركوا كنه مبادئ الفكر الإسلامي.. وأنهم ليسوا على مستوى من المسؤولية لائق… فقد سار أصحاب الإمام بإدراك ووعي لمعنى الجهاد الإسلامي بمعناه وجوهره ومبدئه.. أما ما يتعلق بالجهاد من قريب، كنيل الحكم، فليس ضربة لازب تتحكم بمسار السائرين على بركة الله..

لقد حرص الإمام (ع) على انتقاء الرجال الأكفاء أثناء سعيه المعظم.. وقام بدور مباشر في التحريك الذاتي، وغير مباشر، حتى يخيل لك أنه في نهاية المطاف أشبه ما يكون بطير انتهى من التقاط الحب الجيد من الحب الرديء… فالكيفية التي استقطب بها الإمام أصحابه أهل البصائر إنما هي مراد الإسلام وغايته، قاصداً باستقطابهم في دعوة الحق ضمان نتائج أعمال العاملين للحق والداعين إليه…

فمن جملة ما ميز الثورة الحسينية أنها انتقت من الأهداف أشرفها ومن القيم أنبلها، ومن المناهج أوضحها، ومن الرجال أكرمهم.. كيف لا وقائدها سبط رسول الله (ص) ، وابن المرتضى سيد الوصيين، وابن الزهراء سيدة نساء العالمين، وهو أبو الأئمة الهداة المعصومين، وحسبنا أنه من قال فيه الرسول الأكرم (ص) الذي لا ينطق عن الهوى: (حسين مني وأنا من حسين)…

ثانياً: سلطات المال والإغراء ..

إذاً يتساوى جميع أصحاب أبي عبد الله الحسين في حالة الوعي التام، والاختيار المطلق، لطريق الثورة، وطلب الشهادة في سبيل المبدأ والقيم الدينية التي تعرضت لانتهاكات علنية في جميع ممارسات السلطة الأموية.. هذا في حين أن الذي كثيراً ما يحصل هو أن الفرد أو الجماعة يقعون في إسار الإكراه والإجبار.. وهذا الإكراه يتأتى من الخارج من فوق، من السلطة المتحكمة.. ويأتي أحياناً من نفس الإنسان إذ يكره نفسه على أمر ما.. بمعنى أن الإكراه ككل، ليس منطلقاً حكيماً متأتياً من فكر سليم وحب للحرية كما أنه يعيق الهدف ويكسبه بشاعة الصورة، ويقلل من قيمته فلا تبقى له حرمة. أما إسار الإغراء فهو الآخر بنفس الوزن والثقل؛ فهما توأمان، مع أنهما يتفاوتان.

فالإكراه تمثل وتجسد على يد زياد بن أبيه وغيره من الأمويين والعباسيين، حيث العبارة المألوفة (تجمير الجيوش) و(بعث البعوث للغزوات) بصورة تسخير للجند، بل أحياناً أخرى بصورة عقاب للمئات ممن لم يطيعوا الأوامر، كما كان الأمراء يهددون باستعدادهم لعقاب الناس بالتجمير في الغزوات والبعوث وأكثر دلالات إكراه السلطات للجندي هو نفس عمليات التهديد المتكرر الخطير لأهل الكوفة، إن لم يخرجوا لحرب الإمام (ع).. ونفس عمليات التحشيد والدفع الإجباري للدخول في كتائب الجيش الجرار، حتى لم تستثن الأوامر أي واحد من سكان إقليم الكوفة بمختلف أديانهم ومللهم.. وكذلك أيضاً منهج الإغراء، فشواهده كثيرة.. ومنها المنهج الأموي نفسه؛ إذ ما قامت له قائمة إلا ومن تحتها أموال المسلمين، وما دام لملكه دوام إلا ومن وراء ذلك الدوام دراهم ودنانير الأمة!! فجيش الشام تربى على الأعطيات الوفيرة والدلال المغرض، لتسخير قواهم، وأعوان معاوية ووجوه كثيرة حوله لا تنتظر إلا صفقات الأموال، وأكياس الدراهم، ورزم الحلي والحلل.. هكذا هي الأموية كيان قوامه الطمع والإغراء والجشع المذل.. بل كيان متاجرة بأقدس المقدسات وهو الدين..

وفي الضد من ذلك نرى السياسة العلوية الفريدة بعيدة كل البعد من منجسات الإكراه والإغراء، فهو حامي الشريعة المقدسة، وحافظها من محاولات تشويه معالمها المقدسة.. فالإمام (ع) لم يلجأ قط إلى الإكراه والإغراء، بل كان حرباً عليهما، كسياستين أو سياسة واحدة لا صلة لها بالفكر الإسلامي الذي حرص عليه الإمام العظيم.. أما منهج سياسته الذي تفرد به فهو المنهجية الإسلامية بذاتها، وهكذا فإن زمن الإمام (ع) زمان اتسم فيه الناس بقابلية التجنيد عند الإغراء أو العنف أو الإرهاب…

ثالثا: خروج الإمام (ع) كان بأمر إلهي ..

بقي أن نتساءل تمشياً مع ما طرح عبر التاريخ -: هل كان خروج الإمام بأمر من الله، وجهه إلى جده (ص) أم أنه اجتهاد من الإمام الحسين (ع) ، على ضوء الشريعة الموكل بها؟.. فنجيب بإيجاز:

1- بالنسبة للاحتمال الأول، فهو ليس احتمالاً بل حقيقة أوردتها السنة الشريفة، ولا يحتاج المرء، كي يتأكد، سوى استذكار ما جاء عن النبي الأكرم (ص) حول سبطه الحسين، فلطالما كرر النبي (ص) أن لولده الحسين يوماً شاهداً ومشهوداً..

ولطالما بكى لفداحة الفاجعة وهول الواقعة المتمخضة عن جسامة التضحيات فوق أرض كربلاء، التي كان أول من أعلن اسمها على أسماع المسلمين هو نفسه (ص) ولا يمكن حمل هذه الحقائق النبوية المأثورة على غير محلها اللائق بمقام النبي الكريم (ص) ، ذلك لأن إشاراته الواردة حول مصير الأمة، وإيراداته بشأن مصرع ولده السبط، تستبطن كون الله سبحانه قد أناط بالحسين جهاداً مرتقباً، دونما نزاع،ولولا ذلك لبقي ما صدر عن الرسول (ص) رهن الإبهام، وقيد ستار كثيف من الغموض، وحاشاه (ص) أن يصدر منه مثل ذلك، وكفى.

أما بالنسبة للاحتمال الثاني، القاضي بأن خروج الإمام قد يكون بوحي اجتهاد، على نور ضوء الإسلام وشريعته، فهذا احتمال يستحيل إلى حقيقة صحيحة صائبة، بحكم العلاقة الوشيجة بين الحسين (ع) ومقررات الإسلام ومبادئه، وبحكم تبادل المصلحة في وجودهما؛ فالحسين خلق للإسلام، وعاش له، والإسلام يدعم مواقف الإمام؛ نظراً لأخذ تلك المواقف من شريعته، وهكذا دام الحسين (ع) خالداً. وخلد الإسلام دائماً؛ فاجتهاده جاء مطابقاً للدعم الإلهي المتمثل بمجمل الأحاديث الشريفة، المأثورة عن رسول الله (ص).

وصفوة القول – في هذه الشعبة من الموضوع – أن إرادة الحسين (ع) تمثل إرادة الدين الحنيف، ولا يصعب فهم طبيعة الثورة الحسينية ومراميها، إذا ما أحطنا بمبادئ الدين وفهم أغراضه وقواعده ومراميه.

وإن البواعث الحسينية لها من البعد الموغل في عمق المستقبل ما يشهد به وجود الإسلام وديمومته إلى اليوم، وبقاؤه إلى الغد خالداً.

 

لتصلك آخر الأخبار تابعنا على قناتنا على تلغرامالنعيم نيوز

كما يمكنك الاشتراك على قناتنا على منصة يوتيوب لمتابعة برامجنا علىقناة النعيم الفضائية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى