مقالات
أخر الأخبار

الواجهات النهريَّة للمدن

كتب أ.د.محمد بهجت ثامر: إن نمو المدن وامتداد التجمعات السكانية في الزمن الماضي كان بالأساس بجوار الأنهار، لكونها المصدر الرئيس لتكوين تلك المدن باعتبار الماء كمورد طبيعي وأساسي، لنمو التجمعات السكانية، إذ قامت على ضفاف الأنهار مدن وحضارات لها تاريخ وثقافات، فكبرت تلك المدن حتى صارت عواصم مشهورة لدول في التاريخ كبغداد على ضفاف نهر دجلة، والقاهرة على ضفاف نهر النيل، ولندن على ضفاف نهر التايمز، وباريس على ضفاف نهر السين، والقائمة تطول لأشهر العواصم العالمية.

 

حتى أن نهر الدانوب سمي بـ(نهر العواصم) إذ أنشئت عليه أربع عواصم من عواصم الاتحاد الأوروبي هي (فيينا) عاصمة النمسا، و(براتيسلافا) عاصمة سلوفاكيا، و(بودابست) عاصمة هنغاريا، و(بلغراد) عاصمة صربيا.

تعرف الواجهة النهرية للمدن بأنها ذلك النطاق العمراني الذي يمثل الحد الفاصل بين النهر والمدينة، ويحتوي على مجتمع متصل بالنهر مادياً وبصرياً ومعنوياً وتاريخياً ويتميز بالتغير والديناميكية، وقد تباينت آراء الباحثين حول الواجهة النهرية، فمنهم من يسميها واجهة النهر (River Front)، ومنهم من يسميها ميناء النهر (River Port) أو حافة النهر (River Edge).

وتساعد الواجهة النهرية للمدن على زيادة النشاط الاقتصادي، من خلال النشاط السياحي وتوفر إطلالات جمالية للمدن، فضلاً عن إمكانية استخدام التكسي النهري (River Taxi)، والذي يمكن أن يحد من الاختناقات المرورية، مما يعطي أهمية كبيرة للمناطق الحضرية المحاذية للنهر، والتي تتوفر فيها مزايا طبيعية وإطلالة جمالية على النهر.

لذلك لا بد من سن القوانين والخطط العمرانية التي تساعد في تنظيم استعمالات الأرض ضمن هذه الأشرطة المحاذية للنهر، وفي كيفية توزيعها والتعرف على الملائمة المكانية لاستخدامات الأرض للواجهات النهرية والمتطلبات والخصائص التي يجب أن تتبعها التنمية للنهوض بمشاريع تنمية استخدامات الأرض للواجهات النهرية.

وعلى الحكومة تخصيص الواجهات النهرية لاستعمالات الأرض الترفيهية حصراً، ومعاقبة من يتجاوز على الواجهة النهرية، إذ لاحظت من خلال جولاتي على ضفاف دجلة الخير هناك، تجاوز على الواجهة النهرية لهذا النهر الخالد، فعلى سبيل المثال لا الحصر في شارع أبي نواس هناك بناء عامودي واجهة المبنى باتجاه الشقق السكنية، التي تعتمد على الطاقة الشمسية، في حين ظهر المبنى باتجاه نهر دجلة الخير مما سيحجب النهر كلياً.

لذلك لا بد من التأكيد على الاستراتيجيات التخطيطية للواجهات النهرية ودراسة التوزيع الأمثل للكتل العمرانية، وأن تأخذ الصفة الخطية لما لها من ميزة بصرية، من خلال الترابط للمشاهد الحضرية في الواجهات النهرية، مع الأخذ بنظر الاعتبار المواد المستخدمة في البناء والألوان في كل عناصر تشكيل الواجهة النهرية، كونها فضاءً عاماً ذات قيمة تاريخية وحضارية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى