مقالات
أخر الأخبار

الموازنة بين المتطلبات الأخلاقية والأمنية

استشهاد السيد إبراهيم رئيسي والشخصيات المرافقة له خسارة كبيرة لجميع المؤمنين، إذ ليس كل يوم تنتج لك شخصية سياسية نزيهة تمتلك كفاءة العمل وتحافظ على مبادئ الدين، ولا شك أن العبرة من استشهادهم كبيرة بحجم هذه الخسارة وبقدر ألمها.

 

 

كتب الدكتور عماد الهلالي: فمن العبر المستفادة أنه ينبغي على المسؤول السياسي أن يحافظ على نفسه أكثر، فالتواضع شيء جيد، ولكن ليس إلى درجة المغامرة بالنفس وركوب طائرة قديمة صُنعت عام 1968، ولعله كان يتقي من أقوايل الناس التي تركز على هذه المظاهر ليقولوا أن القائد السياسي متواضع ويستنكرون الاحترازات الأمنية، وهو مشاهد عندنا في النجف حين يرى الناس صورة أحد العلماء وهو يسير وحده من دون حمايات فإنه يستلطفون ذلك ويستنكرون رؤية عدد من الحمايات ويرون أنها من الدنيا، فهذه السذاجة قد تؤدي إلى تواضع قاتل لا ينبغي التهاون معه ومجاملته.

ومثلها الشجاعة غير المناسبة فالخروج جواً في مثل تلك الظروف الجوية الصعبة خطأ بالتأكيد ولا أعرف ما هي الخيارات التي كانت بين أيدي الشهداء، ولكن إذا كانوا مختارين على الخروج فقد أخطأوا، وكان على المستشارين العسكريين أو الأمنيين تنبيههم على ذلك، فمهما كان العمل الذي ينوون إنجازه مهماً فإن احتمال فقدانهم أخطر، أن تكون شجاعاً وأن تلهم الشجاعة للموظفين معك فهذا شيء جيد، ولكن الاحتراز والاحتياط أجمل، هذا نبي الله موسى (عليه السلام) لما رأى أن الصمود والمقاومة في مدينة فرعون ليس له ثمرة تعادل المغامرة بحياته فرّ منها واعتبره حجة عقلية قال: [ففرتُ منكم لما خفتكم] فكان العقل مقدماً على الشجاعة. وهذه الشجاعة مما تضغط ألسن الناس الساذجة باتجاهه أيضاً، ويعيرون القائد الذي يحترز أمنياً ثم إذا حصلت مثل هذه الحوادث لا يخسرون إلا بضعة كلمات تعزية لا تعادل ثرثرتهم عليه حين كان يؤمن نفسه بما يحتط به العقلاء في كل زمان.

إن الإمام المهدي عجل الله فرجه ينتظر وفرة الكفاءات السياسية المتدينة في قاعدته الشعبية فالمتدينون كثيرون والشجعان أكثر والمتواضعون أغنت سيرتهم التأريخ، ولكن لكل شيء موضعه فليس في الشريعة تناقض، وقد احتاط الأئمة (عليهم السلام) على أنفسهم، وكانت غيبة الإمام المهدي (عليه السلام) احترازاً وحفظاً له كما صرحت الروايات رغم أنه الموعود بالانتصار والحياة الطويلة.

فلتكن هذه الحادثة عبرة لنا جميعاً في هذا السبيل فقد كان للقدر أن يجنبنا إياها لولا أن ننطوي على العيوب التي يراد تنبيهنا لها، وإنا لله وإنا إليه راجعون.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى