أخبارمقالات
أخر الأخبار

التعداد العام للسكان.. ضرورة وطنية وتنموية

كتب د. صادق كاظم: مضى أكثر من ربع قرن، على إجراء آخر تعداد سكاني، وبالتحديد عام 1997، وبعد ذلك توقفت العملية، خصوصاً بعد عام 2003 لأسباب أمنية وأخرى سياسية، الآن أصبحت الفرصة مؤاتية لإجراء التعداد، بعد أن تم إنجاز جميع متطلباته، وبعد أن أجمع القرار السياسي على أهمية إجراء هذا الاستحقاق، بعد ممانعات طويلة.

التعداد سيتم باستخدام أجهزة حديثة، وجيش كبير من العدادين يغطون جميع أرجاء البلاد، المعلومات التي سيتم الحصول عليها ميدانياً، ستجري معالجتها وتنظيمها ووضعها ضمن حسابات الخطط التنموية للبلاد، منها عدد السكان وواقعهم الاقتصادي والمعاشي، وكذلك تحديد فئات وشرائح المجتمع وطبيعة أعمالهم، وغيرها من المعلومات التي يتطلبها هذا الإحصاء.

إن التعداد يجري عادة كل عشر سنوات، كما كان معمولاً به سابقاً، ليضع التصورات أمام المخططين، والعودة إليه تمثل خطوة مهمة نحو إعادة تنظيم المفاصل الأساسية التنموية للبلاد، فعلى سبيل المثال ستتمكن الحكومة من معرفة أصحاب المساكن من الذين لا يملكون عقاراً.. وكذلك أعداد الموظفين في القطاعين الحكومي والخاص، وأعداد العاطلين عن العمل، وكذلك معرفة أعداد الذكور والإناث، وفئات الشباب والشيوخ والكهول، وغيرها من المعلومات التي ستؤخذ بنظر الاعتبار مستقبلاً.

إن عدد نفوس العراق، بحسب الإحصاءات الرسمية، يزداد سنوياً بمعدل مليون مواطن، وهو رقم كبير، ومن الضروري أن تكون هناك خطط تنموية وخدمية وعمرانية تلحظ هذه الزيادات والمعدلات، خصوصاً أن الاقتصاد العراقي اقتصاد أحادي يعتمد بالدرجة الأساس على مبيعات النفط، مع مساهمة ضئيلة ومحدودة من قبل القطاعات الأخرى، مما يفرض ضرورة أن يكون هناك توجه نحو تنويع الاقتصاد وتعظيم الإيرادات، والتوجه صوب سياسات استراتيجية ضمن تخطيط طويل المدى يقوم على الاكتفاء الذاتي في قطاعات الزراعة والصناعة، ثم التوجه صوب التصدير، وهذا يتطلب وضع برامج تنموية عملاقة وكبيرة مع إيرادات مالية لتنفيذها.

يرتبط التعداد السكاني كذلك بتحديد طبيعة العملية الانتخابية، في ما يتعلق منها باختيار المقاعد النيابية وطبيعة نظام الانتخاب ومدى ملاءمته لطبيعة المجتمع.

إن غياب التعداد العام للسكان أدى إلى ظهور فوضى سكانية وعشوائية، بسبب عدم معرفة حجم النمو السكاني بشكل دقيق، الذي أدى بدوره إلى زيادة حجم الاستهلاك والطلب على الخدمات، والتأثير في الواقع الحضري للمدن، مع ارتفاع معدلات البطالة.

كما أدى إلى غياب الرؤية التي تساعد الحكومة في اتخاذ القرارات وإعداد خطط ناجعة توازن بين عدد السكان والخدمات التي يحتاجون إليها فعلاً، وكذلك الخطط التنموية المستقبلية والإيرادات المالية اللازمة لتوفيرها، ولتنفيذ المشاريع الخدمية وعمليات الإعمار والبناء.

التعداد المرتقب سيكون حدثاً استثنائياً من أجل تنظيم العمليات التنموية للبلاد، وإعداد دراسات دقيقة ومتكاملة بما يسهم في تطوير البلاد وخدمة شعبها.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى