كشف باحثون عن عثورهم على قناع من “اليشم”؛ وهو نوع من الأحجار الكريمة والمعادن، نادر للغاية، داخل قبر ملك قديم من ملوك المايا، يُعتقد أنه توفي منذ حوالي 1700 عام، وفق موقع “نيوزويك”.
وقال الموقع في تقرير له إن اكتشاف القطعة الأثرية تم خلال أبحاث في موقع “تشوشكيتام” الأثري غير المعروف نسبيًا، والمخفي داخل الغابات المطيرة الكثيفة في مقاطعة بيتين شمال شرقي غواتيمالا.
وبحسب التقرير، تم تحديد المقبرة التي يرجع تاريخها بدقة إلى حوالي عام 350 بعد الميلاد، باعتبارها واحدة من أقدم المدافن الملكية من فترة المايا الكلاسيكية (250 – 900 م)، ما يمثل علامة بارزة في استكشاف تاريخ المايا، وفق عالم الآثار الشهير فرانسيسكو إسترادا بيلي.
وبينما ازدهرت حضارة المايا لأكثر من 3000 عام عبر جنوب شرق المكسيك وغواتيمالا وبليز وأجزاء من السلفادور وهندوراس، يضيف هذا الاكتشاف طبقة جديدة من الفهم إلى النسيج المعقد لهذه الثقافة، بحسب الموقع.
ولفت إلى أنه تم الاحتفال بشعب المايا القديم بسبب عجائبهم المعمارية، وإنجازاتهم الفنية، وأنظمة التقويم المتقدمة، والرياضيات، والتميز الفريد المتمثل في امتلاك نظام الكتابة الوحيد المتطور بالكامل في أمريكا ما قبل الإسبان.
وأكد أنه رغم اكتشاف موقع “تشوشكيتام”، منذ أوائل القرن العشرين، إلا أن المقبرة التي تحتوي على قناع اليشم بقيت غير مستكشفة حتى الآن.
وأشار إلى أن المقبرة تقع داخل هيكل هرمي، وثبت أنها سليمة بشكل ملحوظ، ما أحبط محاولات اللصوص لانتهاكها.
واكتشف علماء الآثار داخل المقبرة صندوقًا حجريًا على شكل تابوت، وهيكلًا عظميًا متحللًا جزئيًا، ومجموعة من القرابين المصاحبة للدفن، بحسب الموقع.
وقال الموقع إن هذه القرابين تضمنت وعاءً، وأصداف محار منحوتة بشكل معقد، وعظامًا بشرية مزخرفة من أفراد منفصلين، ومجموعة من قطع اليشم، التي أعيد بناؤها بدقة لتشكل قناعًا متقنًا يُعتقد أنه ينتمي إلى ملك المايا القديم.
وقناع اليشم، المعروف باسم “كوج”، والمكون من 33 قطعة يشم بحجم طابع بريد، هو عينة نادرة.
ونقل عن الباحث في جامعة ألاباما، ألكسندر توكوفينين، قوله إن هذه الأقنعة كانت حصرية للملوك، ويمكن ارتداؤها على رف خاص، أو مثبتة على حزام صلب، أو يتم ارتداؤها أحيانًا على الوجه لأغراض احتفالية.
ولم تكن المقبرة تضم الهيكل العظمي الأساسي لملك المايا فحسب، بل احتوت أيضًا على عظام بشرية إضافية، ما يوفر أدلة حيوية بشأن هوية الحاكم.
ويخضع اثنان من عظام الفخذ المنحوتة بدقة، إلى جانب شظايا عظمية أخرى، حاليًا، لتحليل الحمض النووي لتحديد علاقتهما المحتملة بالملك.
وشدد العالم إسترادا بيلي على أهمية الاكتشاف على جبهات متعددة، أولًا: تجنبت المقبرة عمليات النهب واسعة النطاق، وهي قضية سائدة في المنطقة، وثانيًا: ندرة أقنعة اليشم والعظام البشرية المحفورة في علم آثار المايا، إلى جانب تحديد اسم الملك على قربان القبر، وهو ما يضيف قيمة لا مثيل لها لهذا الاكتشاف.
علاوة على ذلك، جمع الباحثون رؤى جوهرية بشأن التاريخ السياسي غير المفهوم جيدًا لفترة المايا الكلاسيكية، خاصة بين عامي (300 – 500) بعد الميلاد، وبهذا، يفتح الاكتشاف فصولًا جديدة في قصة حضارة المايا، ويسلط الضوء على فترة غير معروفة، ويثري الفهم لهذه الثقافة القديمة، وفق التقرير.