كتب الدكتور عماد علي الهلال: لم يزل العربي معتدّاً بنفسه لا تنهار شخصيته مهما تعرض لانتكاسات، يعتمد فيه على رصيده من المجد ومبادئه وأبطاله ورموزه ودينه الذي أعزّه الله به، وأشعار البطولات التي يتغنى بها، وما عرف عن العربي من حفظ الجوار وكرم الضيافة والشجاعة التي تصل إلى حد التضحية بالنفس في سبيل المبادئ، وهذه المقومات كانت دائماً تقف عائقاً أمام مشاريع الغرب لتمييع شخصية العربي، وجعله ينهار أمام الشخصية الأجنبية.
ولكن الحكام العرب لم يكتفوا بالتنازل أمام رغبات الولايات المتحدة ومشتهيات “إسرائيل”، بل أرادوا الاستتار بتغطية أنفسهم بثقافة مزيفة لا تبقي شيئاً يحرك الأذهان للاعتراض عليهم، حتى أنهم صاروا يتعمدون إقامة حفلات المجون في أيام اشتداد المعارك بين الفلسطينيين والصهاينة، وقريباً منهم يموت الأطفال من القصف والجوع والخوف، ويحاولون تشويه منطق التفكير إلى موازين مقلوبة ومثاقيل شكلية لا تعترف بالمبادئ ولا وجود للمقدس فيها، فتتحول الذلة إلى نصر والشهادة إلى عار.
وصاروا يصرفون أذهان جماهيرهم عن مشاعر الغيرة والغضب للحرمات والتعاطف مع الضحايا، إلى مشاعر الحقد الطائفي والقومي، وصرفوا مشاعر الناس ووجوه الغضب إلى معاداة إيران رغم أنهم يتلقون الصفعات على ظهورهم من الكيان الصهيوني الذي يعرفون أنه لا تنتهي أطماعه عند حدوده، بل يعلنها صراحة أن دولته من الفرات إلى النيل، ويصر على احتقار العرب ويفضح عملاءه في الإعلام كل يوم، وهو مستمر في المكائد وإضعاف الدول العربية، قال علي (عليه السلام): (والله إن امرءاً يمكّن عدوه من نفسه يعرق لحمه، ويهشم عظمه، ويفري جلده، لعظيم عجزه، ضعيف ما ضمت عليه جوانح صدره. أنت فكن ذاك إن شئت؛ فأما أنا فو الله دون أن أعطي ذلك ضرب بالمشرفية تطير منه فَرَاش الهام، وتطيح السواعد والأقدام، ويفعل الله بعد ذلك ما يشاء).
هلا كانوا مثل أردوغان، يوبخ نتنياهو على جرائمه في العلن ويستنكر، رغم أنه يدعم الصهاينة اقتصادياً بما لا تدعمهم أي دولة أخرى، فيحافظ على الأقل على ثقافة شعبة وقضيتهم ودينهم واعتدادهم بأنفسهم؟.