اخبار اسلامية
أخر الأخبار

إقامة صلاة الجمعة في مسجد وحسينية الامام الحسن المجتبى (ع) بإمامة الشيخ حسين المندلاوي

أقيمت صلاة الجمعة المباركة في مسجد وحسينية الامام الحسن المجتبى (ع) في خانقين – منطقة علي مراد بإمامة سماحة الشيخ حسين المندلاوي وحضور جمع مبارك من المؤمنين.

 

عنوان خطبة الجمعة: عيد الله الأكبر

نبارك لصاحب العصر والزمان(عج) ولولي أمر المسلمين ولجميع المسلمين, عيد الله الأكبر, عيد الغدير ويوم الغدير.
يوم الغدير هو اليوم الثامن عشر من شهر ذي الحجة من العام العاشر للهجرة الذي نصَّب فيه النبي(ص) علي بن ابي طالب(ع) أميراً للمؤمنين وإماماً وولياً وخليفة وقائداً للمسلمين أمام حشود غفيرة كانت قد أدت مع رسول الله(ص) مناسك الحج فيما عُرف بحجة الوداع, حيث أعلن النبي(ص) في طريق العودة بعد أن وصل الى منطقة تسمى غدير خم – وهي على مفترق طرق- أعلن أمام الآلاف من المسلمين ولاية علي(ع) وقال: من كنت مولاه فهذا علي مولاه, اللهم والي من ولاه, وعادي من عاداه, وانصر من نصره, واخذل من خذله, وأدر الحق معه كيفما دار، ولما أتم هذا الإعلان أنزل الله قوله تعالى: [اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام ديناً]

إن ما جرى في يوم الغدير لم يكن حدثاً عادياً, بل كان حدثاً كبيراً مهّد له النبي (ص) بإجراءات لافتة تدل على أن ما سيبلغه للمسلمين ليس أمراً عادياً بل هو أمر في غاية الأهمية وهو مكمل للدين ومتمم للرسالة.
وقد شهد عشرات الألوف من المسلمين مراسم تنصيب النبي لعلي إماماً على المسلمين من بعده، وسمعوا من النبي (ص) مباشرة وهو يردد عليهم في خطاب واحد ثلاث مرات: اللهم من كنت مولاه فهذا علي مولاه, كما شهدوا بأم العين كيف أن كبار الصحابة بايعوا علياً (ع) وهنئوه بهذا المنصب الإلهي الكبير وقالوا له: بخ بخ لك يا علي أصبحت وأمسيت مولانا ومولى كل مؤمن ومؤمنة.

وبالرغم من كل ذلك فإن كل هذه الحشود والآلاف المؤلفة من المسلمين لم تؤثر في مسار الأحداث بعد وفاة النبي (ص), حيث صُرفت الخلافة عن علي (ع) إلى غيره, ولم تحرك ساكناً أو تحتج أو تستنكر للذي حصل على أنه خلاف ما رسمه النبي (ص) في الغدير وغيره لمستقبل الاسلام.
فلم يروِ التاريخ أي دور يذكر لتلك الحشود الغفيرة التي شهدت الغدير في وجه الانحراف الذي حصل بعد وفاة النبي (ص)؟ عندما منع علي(ع) من حقه في الخلافة واستولى غيره عليها ..

فما السبب في ذلك؟ ولماذا لم نسمع صوت الجماهير وهي تطالب بحق علي (ع) باعتباره المعين من قبل النبي (ص) لمنصب الخلافة من بعده؟ لماذا تم تجاهل هذا الحدث التاريخي الذي شهده عشرات الآلاف من المسلمين ولم يتم إعطاء الحق لمن ولَاه النبي (ص) في يوم الغدير؟

والجواب: أن الأسباب التي أدت إلى ذلك عديدة نشير إليها باختصار:

فأولاً: إن معظم الذين اجتمعوا في غدير خم مع النبي (ص) كانوا من بلدان متفرقة بعيدة عن المدينة، من مصر والعراق واليمن وقبائل الحجاز ,أما الذين حجوا مع النبي (ص) من مسلمي المدينة المنورة فكانوا قلة قياساً إلى الذين جاؤوا من خارج المدينة, المدينة التي كانت تطبخ فيها القرارات وتأخذ فيها التوجهات المتعلقة بالإسلام والمسلمين باعتبارها عاصمة الدولة الإسلامية, وكان المسلمون الذين هم من خارج المدينة بحكم أماكن سكنهم وطبيعة انشغالاتهم كانوا بعيدين عن مركز القرار ولا تصل إليهم الأخبار بالسرعة المطلوبة فلم يكونوا على اطلاع بالأحداث التي تجري في المدينة ليتخذوا منها الموقف المناسب.
وأما الذين كانوا في المدينة من المهاجرين والأنصار ممن شهدوا غدير خم فلم يكونوا جميعهم ممن يملك تأثيراً في مسار الأحداث كان معظم هؤلاء مشغولاً بأموره الخاصة ولم يكن يهتم بالشأن العام، كانت القلة منهم هي المؤثرة في مجرى الأمور والمتحكمة في مسار الأحداث وهي القلة الطامحة التي كان بعضها قد دخل في الإسلام لتحقيق طموحاته في الهيمنة والنفوذ والسلطة. وهذه القلة هي التي فرضت ما تريد وما ينسجم مع طموحاتها ومصالحها في نهاية المطاف، فأبعدت الأمر عن علي (ع) حباً بالسلطة.
وهذا يعني أن الكثرة الشعبية لم تكن هي المؤثرة أو هي من يتحكم بمسار الأحداث ، بل كانت هناك دوائر ضيقة هي التي تتحكم بمسار الأحداث وتوجه الأمور بالاتجاه الذي يخدم طموحاتها وآمالها ومصالحها.

وثانياً: إن الأكثرية الساحقة من الذين حجوا مع النبي (ص) واحتشدوا في يوم الغدير وشهدوا حفل تنصيب علي (ع) ولياً وإماماً وخليفة وقائداً على المسلمين بعد النبي (ص)، كانوا قد أسلموا حديثاً، وبعضهم كان لم يمضِ على إسلامه أكثر من سنة أو سنتين، وبالتالي لم يتشربوا العقيدة بالشكل المطلوب ولم يكن لديهم التزام كامل بعدُ بمبادئ الإسلام ومفاهيمه وأحكامه, وبالتالي لم يكن مستغرباً أن تنحرف الأمور أمامهم عن مسارها من دون أن يحركوا ساكناً أو أن يقفوا لمواجهة ذلك الانحراف ومنعه من الاستمرار.

كان هناك أشخاص معدودون قد تشربوا العقيدة وفهموها بشكل سليم من أمثال بلال والمقداد وحذيفة وعمار وغيرهم من أصحاب النبي (ص) وهؤلاء لم يكونوا لهم تأثير في الواقع السياسي, وبالرغم من احتجاجهم على الطرف الآخر في مناسبات مختلفة لم يسمع أحد لهم , بل قمعوا وفرضت عليهم مبايعة الخليفة الأول.

وثالثاً: إن عدداً قليلاً من الصحابة المسلمين ممن كان يملك مكانة وتأثيراً ونفوذاً فرض في لحظة غفلة أمراً واقعاً على المسلمين جميعاً، ففي الوقتالذي انشغل فيهعلي وأهل بيته برحيل النبي(ص) اجتمع هؤلاء فيما عرف بسقيفة بني ساعدة وأخذوا الأمور بالاتجاه الذي يخدم آمالهم وطموحاتهم ويحقق رغباتهم في السلطة. فانحرفوا بالخلافة عن مسارها الذي كان قد رسمه النبي(ص) لها وصرفوا الأمر إلى غير علي (ع).

في إحيائنا لذكرى غدير خم أبعاد متعددة، من بينها:

1ـ الاحتفال بهذه الذكرى المباركة لإبقائها نابضةً بالحياة مهما مرّ الزمان، وتعاقبت الأجيال، وتناغماً مع قول الله عز وجل في كتابه الكريم: (وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ) [إبراهيم:5].
2ـ تجديد العهد بالنبي الأكرم (ص) وأهل بيته الأطهار (ع)، وترسيخ الولاء لهذه المدرسة العظيمة على المستوى الإيماني، والروحي، والتشريعي، والأخلاقي.
3ـ تحمّل مسؤولية الانتماء إلى هذه المدرسة بالالتزام بالمنهج الوحدوي الذي رسّخه أمير المؤمنين علي(ع) وتغليب المصلحة العامة على المصلحة الشخصية، حيث قال كما في الكلمة برقم 5 من نهج البلاغة: (لمّا قُبض رسولُ الله(ص) وخاطبه العباسُ وأبوسفيانَ في أن يبايعا له بالخلافة، وذلك بعد أن تمّت البيعة لأبي بكر في السقيفة، وفيها يَنهى عن الفتنة ويُبين عن خُلُقِه وعِلمِه: أَيُّها النَّاسُ، شُقُّوا أَمْوَاجَ الفِتَنِ بِسُفُنِ النَّجَاةِ، وَعَرِّجُوا عَنْ طَريقِ الـمُنَافَرَةِ…) ثم بيّن أن موقفه بعدم المصادمة لم ينشأ عن جُبن منه وقال: (وَاللهِ لاَبْنُ أَبي طَالِب آنَسُ بالمَوْتِ مِنَ الطِّفْلِ بِثَدْي أُمِّهِ، بَلِ انْدَمَجْتُ عَلَى مَكْنُونِ عِلْم لَوْ بُحْتُ بِهِ لاَضْطَرَبْتُمُ اضْطِرَابَ الأرْشِيَةِ) الحبل (في الطَّوِيِّ) البئر (البَعِيدَةِ).

ـــ ومن جديد أكّد الإمام (ع) على ذات المنهج حيث قال في الكلمة 73 من نهج البلاغة: (لمّا عزموا على بيعة عثمان: لَقَدْ عَلِمْتُمْ أَنَّي أَحَقُّ بِهَا مِنْ غَيْرِي، وَوَاللهِ لأُسْلِمَنَّ مَا سَلِمَتْ أُمُورُ الْمُسْلِمِينَ، وَلَمْ يَكُنْ فِيهِا جَوْرٌ إِلاَّ عَلَيَّ خَاصَّةً، التمَاساً لِأَجْرِ ذلِكَ وَفَضْلِهِ، وَزُهْداً فِيَما تَنافَسْتُمُوهُ مِنْ زُخْرُفِهِ وَزِبْرِجِهِ).
ـــ إحياؤنا لذكرى الغدير الأغر، وسائر المناسبات يجب أن يصب في هذا الاتجاه الوحدوي الذي رسم الإمامُ معالمَه بكل وضوح وشفافية، وإلا فلن نكون صادقين في انتسابنا لمدرسته المباركة.
ـــ من مسؤوليتنا أن نسعى ألا نحوّل هذه المناسبات إلى محطة للفتنة، ومحطة لإثارة النزاعات، ومحطة لافتعال الصراعات المذهبية، وإلى بوابةٍ لنفوذ الشيطان الباحث عن كل ثغرة ينزغ من خلالها بين الإخوة، في الوقت الذي أكّد فيه الإمام (ع) أن الناس: (صِنْفَانِ: إِمَّا أَخٌ لَكَ فِي الدِّينِ، وَإمّا نَظِيرٌ لَكَ فِي الْخَلْقِ).
ـــ أي مهما اختلفنا مذهبياً، فإن شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله (ص) تجعل من كل المؤمنين بها إخوة في الإيمان، وقد قال تعالى: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) [الحجرات:10].
ـــ وعلى الطرف الآخر أن يتقبَّلَ خصوصياتِنا المذهبية، ما دمنا لا نسيء إلى مقدساته، وما دمنا نحتفي بالمناسبة ضمن الإطار المناسب.
ــــ وإذا كانت لدى أحد أية ملاحظة، فلابد أن يتم طرح ذلك من خلال الحوار، وعقد الجلسات العلمية، وتبادل الرأي، لا بالعنف وإثارة النزاعات.
ـــ وقد نقل لنا التاريخ صوراً مؤسفة لمناسباتٍ مذهبية تحوّلت إلى حلبة للفتن، أدّت إلى قتل الأبرياء وإحراق الناس أحياء، وتدمير مناطق سكنية بأكملها، والتعدّي على الحُرُمات بأبشع الصور.

 

لتصلك آخر الأخبار تابعنا على قناتنا في موقع التلغرام: النعيم نيوز

و لمتابعتنا على موقع فيسبوك يرجى الضغط أيضا على الرابط التالي: النعيم نيوز

كما يمكنك الاشتراك أيضا على قناتنا في منصة يوتيوب لمتابعة برامجنا على: قناة النعيم الفضائية

و لا تنسى أيضا الاشتراك في قناتنا على موقع الانستغرام: النعيم نيوز

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى